من طرف الحاج خالد يتمنى لقاء عائلته
ثمانيني فلسطيني يبحث عن أصل عائلته ويتمنى لقاءها قبل موته
حيفا - نايف زيداني
"أمنيتي أن أتعرف على أهلي وعائلتي وعلى أصلي قبل أن أموت، فقد أمضيت في البحث عن هذه الحقيقة عقوداً وعقوداً، منذ طفولتي التي لا أعيها، حتى نال الإحباط مني، كما نال مني المرض وأقعدني، لكنه لم يقتل الشوق في قلبي للتعرف على جذوري، فأنا لم أولد من الصخر وجاوزت السبعين أو ربما الثمانين من العمر، لكني لا أعرف من أكون".
هذا لسان حال الحاج الفلسطيني خالد، الذي يسكن في قرية "المشهد" قرب مدينة الناصرة في أراضي 48، والذي كان قد خرج من قريته الأصلية التي لا يعرف اسمها، طفلاً في سنواته الأولى، برفقة والدته التي فقدها أيضاً دون أن يعرف حتى اسمها.
الحاج خالد لا يعرف من حقيقته سوى اسمه، وليس الحديث عن اسمه الثلاثي أو حتى الثنائي، ولكن اسمه الشخصي فقط، أما بقية مركبات الاسم، فقد خلقتها
الظروف التي عاشها، وبالنسبة لعمره فهو تائه إن كان في منتصف عقده السابع أم في منتصف عقده الثامن.
وقد فتح الحاج خالد قلبه لـ"العربية.نت"، فربما يكون في نشر قصته أمل في العثور على أهله داخل البلاد أو في إحدى الدول العربية أو في باقي أرجاء العالم، فالأمل يجعله يطرق كل باب.
"اسمي خالد"
وقال الحاج خالد في حديثه لـ"العربية.نت" اسمي الشخصي خالد وهذا الاسم لم يتغير منذ ولدت، ويتم نسبي إلى أحمد سليمان صالح، أي إلى أبي الذي تزوج أمي لفترة قصيرة حتى توفيت وأنا في السنوات الأولى من عمري، والذي توفي هو أيضاً لاحقاً. أحمل اسمه ولكنه ليس أبي البيولوجي.
لا أعرف أكثر من أن اسمي خالد وأن والدتي توفيت وأنا صغير. وأن أمي كانت قد خرجت من قريتنا تحملني معها، ولا أعرف سبب خروجها، فربما كان لأسباب سياسية وربما لأخرى اجتماعية، فالسبب مجهول والحقيقة ضائعة، كما أنا ضائع وكل شيء ضائع.
ولم يحكِ لي أي أحد أي شيء عن أصلي. لم يقل لي أحد من هم أهلي، من هم أعمامي أو أخوالي، أو أين يتواجدون. لا زلت أبحث عنهم منذ عقود طويلة، لكن حتى اليوم لم أجد أحداً. حتى إخوة لا يوجد لي، فقد ولدت لي أخت بعد زواج أمي، لكنها توفيت صغيرة.
أقاربي قد يكونوا في سوريا ولبنان
وأضاف الحاج خالد "لا أعرف إن كان أقاربي يتواجدون في البلاد (فلسطين) أو في إحدى الدول العربية، فكل شيء وارد في ظل الظروف والتغيرات السياسة التي شهدتها هذه البلاد، خصوصاً بعد النكبة وتشرد الشعب الفلسطيني في بقاع الأرض".
هنا تدخل عمر ابن الحاج خالد قائلا: "أبي بحث عن أهله في سوريا ولبنان، ونحن أيضاً بحثنا عن أصله وما زالنا نبحث، ولكن حتى اليوم لم يجد البحث شيئاً".
من الناس من يقول إن والدي من عائلة "متوالي" وأصل هذه العائلة من لبنان، إذا صح هذا الأمر، لكنه أيضاً غير مؤكد، وأبي نفسه غير مقتنع به، وليس معروفاً أصل هذه التسمية التي أطلقها الناس على والدي.
وعام 1980 جاءت مجموعة من لبنان في زيارة إلى قرية كفر كنا المجاورة. كانت الطريق مفتوحة في حينه بين إسرائيل ولبنان. سأل أفراد المجموعة عن أبي
بعد أن سمعوا بطريقة ما عن قصته، وأن الناس ينادونه متوالي، علماً أنهم لا يعرفونه، فتكفلت إحدى السيدات بأن تسأل عنه وقد جاءت إلى المشهد، وكان والدي
في حينه في مكة يؤدي فريضة الحج، فعادت السيدة إليهم وأخبرتهم أنه في الحج، فقالوا لها سنعود عندما يعود من الحج ونفحص إن كان من أقاربنا.
بعد ذلك حدثت تطورات سياسية ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد منهم إلى بلادنا، وكل ما عرفناه أنهم (متاولة، نسبة إلى متوالي) من لبنان، لكن دون أن نعرف إن كانوا فعلاً أقارب لنا أو لا". لكن الحاج خالد يستبعد هذا الاحتمال، ويعتقد أن أمه من سكان شمال فلسطين بالأساس.
وعاد الحاج للإمساك بزمام الحديث، وروى قصة أخرى غير مؤكدة، وانتهت مثل سابقتها دون نتيجة تذكر.
وقال في هذا السياق "أحدهم قال لأبنائي خلال البحث عن هويتي أن أصل أهلي من قرية فراضية المهجرة في شمال فلسطين، هؤلاء الناس أصروا على أن أقاربي
من فراضية، وأنهم هُجروا من أراضيهم في النكبة، وقسم منهم قد يكون في البلاد أو في الدول العربية أو في بلاد العالم، ولكن هؤلاء الناس لم يأتوا بأي دليل على ذلك".
الألم يغلب الأمل
الحاج خالد أكد مراراً وتكراراً خلال حديثه لـ"العربية.نت" أن قصته تتسبب له بألم كبير على قدر شوقه لمعرفة حقيقته، وأن الألم يكاد يغلب الأمل، خصوصاً مع تقدمه في العمر.
أما ابنه عمر فزاد: "عندما أخرج في مهمة لها علاقة بالبحث عن أصل والدي، يبقى والدي منتظراً على أحر من الجمر عله يعرف خبراً صغيراً يكون فاتحة الطريق لمعرفة هويته، لكنه من داخله بات محبطاً وفقد الأمل في أن يعثر على أصله".
وخلال رحلة البحث عن العائلة من خلال الإنترنت، وصل أبناء الحاج خالد إلى سيدة عربية تسكن في السويد اسمها أم عصام، وتبلغ من العمر 82 عاماً، حيث روت قصة مشابهة لقصة خالد وأمه، لكنها لم تحدد اسم الأم والطفل.
هذه السيدة أصلها من قرية فراضية المهجرة، ومن المنتظر أن تزور البلاد قريباً، وتم التنسيق لكي تلتقي بالحاج خالد وعائلته، ليتم الاستماع إلى روايتها وإن كانت تعرف شيئاً عن الموضوع.
120 ولداً وحفيداً
ورغم مأساة الحاج خالد الكبيرة المتعلقة بقصة البحث عن الجذور، إضافة إلى صحته التي أعياها الزمن حتى بات مقعداً، إلا أن في حياته جانباً يعتز به كثير ويفرحه كثيراً.
فقد أنجب الحاج خالد خلال رحلته مع الزمن 15 ابناً وابنة (ثمانية أولاد وسبع بنات)، أنجبوا هم أيضاً وأنجب جزء من أولادهم، حتى بات عدد أولاده وأحفاده 120 فرداً يلتفون من حوله ويملؤون عليه حياته.
وعلّق الحاج خالد على هذا الجانب قائلاً إن "الله يجعل من القليل كثيراً إذا شاء، ومن الكثير قليلاً إذا قدّر والحمد لله على هذا. فقد كنت وحيداً في صغري وعوضني الله بأسرة كبيرة تلتف من حولي".
"أمنيتي أن أتعرف على أهلي وعائلتي وعلى أصلي قبل أن أموت، فقد أمضيت في البحث عن هذه الحقيقة عقوداً وعقوداً، منذ طفولتي التي لا أعيها، حتى نال الإحباط مني، كما نال مني المرض وأقعدني، لكنه لم يقتل الشوق في قلبي للتعرف على جذوري، فأنا لم أولد من الصخر وجاوزت السبعين أو ربما الثمانين من العمر، لكني لا أعرف من أكون".
هذا لسان حال الحاج الفلسطيني خالد، الذي يسكن في قرية "المشهد" قرب مدينة الناصرة في أراضي 48، والذي كان قد خرج من قريته الأصلية التي لا يعرف اسمها، طفلاً في سنواته الأولى، برفقة والدته التي فقدها أيضاً دون أن يعرف حتى اسمها.
الحاج خالد لا يعرف من حقيقته سوى اسمه، وليس الحديث عن اسمه الثلاثي أو حتى الثنائي، ولكن اسمه الشخصي فقط، أما بقية مركبات الاسم، فقد خلقتها
الظروف التي عاشها، وبالنسبة لعمره فهو تائه إن كان في منتصف عقده السابع أم في منتصف عقده الثامن.
وقد فتح الحاج خالد قلبه لـ"العربية.نت"، فربما يكون في نشر قصته أمل في العثور على أهله داخل البلاد أو في إحدى الدول العربية أو في باقي أرجاء العالم، فالأمل يجعله يطرق كل باب.
"اسمي خالد"
وقال الحاج خالد في حديثه لـ"العربية.نت" اسمي الشخصي خالد وهذا الاسم لم يتغير منذ ولدت، ويتم نسبي إلى أحمد سليمان صالح، أي إلى أبي الذي تزوج أمي لفترة قصيرة حتى توفيت وأنا في السنوات الأولى من عمري، والذي توفي هو أيضاً لاحقاً. أحمل اسمه ولكنه ليس أبي البيولوجي.
لا أعرف أكثر من أن اسمي خالد وأن والدتي توفيت وأنا صغير. وأن أمي كانت قد خرجت من قريتنا تحملني معها، ولا أعرف سبب خروجها، فربما كان لأسباب سياسية وربما لأخرى اجتماعية، فالسبب مجهول والحقيقة ضائعة، كما أنا ضائع وكل شيء ضائع.
ولم يحكِ لي أي أحد أي شيء عن أصلي. لم يقل لي أحد من هم أهلي، من هم أعمامي أو أخوالي، أو أين يتواجدون. لا زلت أبحث عنهم منذ عقود طويلة، لكن حتى اليوم لم أجد أحداً. حتى إخوة لا يوجد لي، فقد ولدت لي أخت بعد زواج أمي، لكنها توفيت صغيرة.
أقاربي قد يكونوا في سوريا ولبنان
وأضاف الحاج خالد "لا أعرف إن كان أقاربي يتواجدون في البلاد (فلسطين) أو في إحدى الدول العربية، فكل شيء وارد في ظل الظروف والتغيرات السياسة التي شهدتها هذه البلاد، خصوصاً بعد النكبة وتشرد الشعب الفلسطيني في بقاع الأرض".
هنا تدخل عمر ابن الحاج خالد قائلا: "أبي بحث عن أهله في سوريا ولبنان، ونحن أيضاً بحثنا عن أصله وما زالنا نبحث، ولكن حتى اليوم لم يجد البحث شيئاً".
من الناس من يقول إن والدي من عائلة "متوالي" وأصل هذه العائلة من لبنان، إذا صح هذا الأمر، لكنه أيضاً غير مؤكد، وأبي نفسه غير مقتنع به، وليس معروفاً أصل هذه التسمية التي أطلقها الناس على والدي.
وعام 1980 جاءت مجموعة من لبنان في زيارة إلى قرية كفر كنا المجاورة. كانت الطريق مفتوحة في حينه بين إسرائيل ولبنان. سأل أفراد المجموعة عن أبي
بعد أن سمعوا بطريقة ما عن قصته، وأن الناس ينادونه متوالي، علماً أنهم لا يعرفونه، فتكفلت إحدى السيدات بأن تسأل عنه وقد جاءت إلى المشهد، وكان والدي
في حينه في مكة يؤدي فريضة الحج، فعادت السيدة إليهم وأخبرتهم أنه في الحج، فقالوا لها سنعود عندما يعود من الحج ونفحص إن كان من أقاربنا.
بعد ذلك حدثت تطورات سياسية ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد منهم إلى بلادنا، وكل ما عرفناه أنهم (متاولة، نسبة إلى متوالي) من لبنان، لكن دون أن نعرف إن كانوا فعلاً أقارب لنا أو لا". لكن الحاج خالد يستبعد هذا الاحتمال، ويعتقد أن أمه من سكان شمال فلسطين بالأساس.
وعاد الحاج للإمساك بزمام الحديث، وروى قصة أخرى غير مؤكدة، وانتهت مثل سابقتها دون نتيجة تذكر.
وقال في هذا السياق "أحدهم قال لأبنائي خلال البحث عن هويتي أن أصل أهلي من قرية فراضية المهجرة في شمال فلسطين، هؤلاء الناس أصروا على أن أقاربي
من فراضية، وأنهم هُجروا من أراضيهم في النكبة، وقسم منهم قد يكون في البلاد أو في الدول العربية أو في بلاد العالم، ولكن هؤلاء الناس لم يأتوا بأي دليل على ذلك".
الألم يغلب الأمل
الحاج خالد أكد مراراً وتكراراً خلال حديثه لـ"العربية.نت" أن قصته تتسبب له بألم كبير على قدر شوقه لمعرفة حقيقته، وأن الألم يكاد يغلب الأمل، خصوصاً مع تقدمه في العمر.
أما ابنه عمر فزاد: "عندما أخرج في مهمة لها علاقة بالبحث عن أصل والدي، يبقى والدي منتظراً على أحر من الجمر عله يعرف خبراً صغيراً يكون فاتحة الطريق لمعرفة هويته، لكنه من داخله بات محبطاً وفقد الأمل في أن يعثر على أصله".
وخلال رحلة البحث عن العائلة من خلال الإنترنت، وصل أبناء الحاج خالد إلى سيدة عربية تسكن في السويد اسمها أم عصام، وتبلغ من العمر 82 عاماً، حيث روت قصة مشابهة لقصة خالد وأمه، لكنها لم تحدد اسم الأم والطفل.
هذه السيدة أصلها من قرية فراضية المهجرة، ومن المنتظر أن تزور البلاد قريباً، وتم التنسيق لكي تلتقي بالحاج خالد وعائلته، ليتم الاستماع إلى روايتها وإن كانت تعرف شيئاً عن الموضوع.
120 ولداً وحفيداً
ورغم مأساة الحاج خالد الكبيرة المتعلقة بقصة البحث عن الجذور، إضافة إلى صحته التي أعياها الزمن حتى بات مقعداً، إلا أن في حياته جانباً يعتز به كثير ويفرحه كثيراً.
فقد أنجب الحاج خالد خلال رحلته مع الزمن 15 ابناً وابنة (ثمانية أولاد وسبع بنات)، أنجبوا هم أيضاً وأنجب جزء من أولادهم، حتى بات عدد أولاده وأحفاده 120 فرداً يلتفون من حوله ويملؤون عليه حياته.
وعلّق الحاج خالد على هذا الجانب قائلاً إن "الله يجعل من القليل كثيراً إذا شاء، ومن الكثير قليلاً إذا قدّر والحمد لله على هذا. فقد كنت وحيداً في صغري وعوضني الله بأسرة كبيرة تلتف من حولي".
