إن هذا العنوان لهذه المقال هو إقتباس من نص في مقال نُشر لتهوين وتشويه واقع مأساوي فمن بعد التفكير لم أجد عنوان أفضل منه ، فإقتبسته من هذا النص:
فيما يتعلق بموضوع لاجئي البرازيل ؟
اشار المالكي انه التقى شخصيا مع اللاجئين الذين انتقلوا من الحدود السورية العراقية الى البرازيل، وان الخطة التي كانت موجودة للتعامل معهم من قبل حكومة البرازيل هي اعطائهم عامين يقدم لهم خلال العامين السكن والراتب، لكي يتعلموا اللغة البرتغالية ويتعلموا مهنة هناك، البعض من هؤلاء استفاد من هذه التجربة والبعض الاخر رفض تعلم اللغة البرازيلة وامتهان مهنة هناك، وبقي على هامش ذلك لانه اعتقد ان البرازيل محطة للانتقال الى اروبا لانهم يعتقدون ان ما تقدمه اروبا من مساعدات مالية افضل بكثير من البرازيل، احتجاجهم على هذا المستوى ليس اكثر بالرغم من ذلك نحن تابعنا ذلك وعندما كان الرئيس محمود عباس بزيارة البرازيل التقيت انا بأيعاز من الرئيس، معهم وحاولنا تقديم المساعدة حيث تم الاتفاق مع كوبا لنقلهم هناك ليتم معالجتهم بالتالي قضايهم تكون حلت".
فعندما قرأت العنوان أعلاه أول ما تبادر إلى ذهني أنني سأقرأ حلاً لمشكلتنا بعد الوعود التي تلقيناها من السادة المسؤولين الذين إلتقيناهم في مقر السفارة في برازيليا ، لكني لم أكن أتصور أنه سيتم إظهارنا بمظهر العصابة المبتزة الإنتهازية الإتكالية التي ضلمت المفوضية المسكينة والحكومة البرازيلية السخية بعطاياها فقد ظلمهم لؤي الذي يعيش بنصف رئة والمسنة التي تعاني العديد من الأمراض والمريض الذي يعاني من صمامات القلب والطفل ذو العامين الذي يتجه نحو التعوق تصوروا نهايةًً أن هؤلاء ظلموا الحكومة البرازيلية الكريمة والمفوضية المسكينة بينما هؤلاء كما وصفهم فخامة المذكور أعلاه لم يجدوا من ينظر لهم وبنظر فخامته أعتقد يستحقون الموت ...
يبدو أننا هنا أصبحنا بحاجة ملحة لتفنيد ما ذُكر و للعودة إلى ما سبق وتكلمنا عنه فيما مضى لأنه لم يطرق ضمائر البعض على ما يبدو ، لأن هذه الأسطر تعبر و تشير أنه بالفعل كان هناك برنامجاً إنسانياً حقيقياً يعمل على حفظ كرامة اللاجئ وعلاجه وتأهيله مهنياً لحياة جديدة ..
سوف نتكلم مع ملاحظة أني سأختصر قدر الإمكان كي لا نصل مئة صفحة من المعاناة ، لن أتكلم اليوم عن تجارب أُخرى خاضها اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل فقد تكلموا عنها بأنفسهم بالفلم الوثائقي الذي نشر مؤخراً في العديد من المواقع تتجاوز مدته الساعة تحدث فيه غالبية اللاجئين ممن إستطاع الأخ العزيز الدكتور نبيل الوصول لهم عن الكثير من معاناتهم بالوضع المعيشي الصعب المهين لكرامة اللاجئ وشاهدنا 3 أطفال منذ عامين ونصف يبيعون الأقراص في الشوارع بدلاً من إلتحاقهم بمقاعد الدراسة بظروف الشوارع البرازيلية الحقيرة وما تحويه من مخاطر من كافة الجوانب وملاحقة الشرطة لهم وعن حالات الوفاة التي تحوم حولها الشبهات كحالة المسنة رشيدة قاسم التي تطغى على وفاتها العديد من الشبهات وأظهر الفلم العديد من الشهادات حول ذلك ..
ومن هنا تتضح مصداقية ما ذُكر عن إندماج اللاجئين ،، وأما عن تجربة شخصية مع البرنامج العظيم للحكومة و المفوضية كان كالآتي :
تم إلقائنا في قرية صغيرة جداً لم نرى فيها سُبل العيش التي يهول لها البعض لتشويه الواقع وذلك قبل أن تتجلى صورة الوضع العام في البرازيل ، تم إلقائنا بأسوأ مساكن ثمانية أشهر عشنا بشقة نرتجف من البرد في بلد حار مثل البرازيل لشدة الرطوبة بهذه الشقة وكانت الجدران تأكلها العفونة وتنضح علينا المياه ، منذ اللحظة الأولى عانينا من البرنامج المذكور الذي يشرف عليه مجموعة من الموظفين اليهود في المفوضية والمؤسسات البرازيلية المشرفة علينا والذين كانوا أداة لإذلالنا ، خضعنا لبرنامج وضيع ومهين وهذا ليس كلامي بشهادة من غالبية اللاجئين ، ولم يكن هذا البرنامج واللاجئين تحت سقفه يلبي أدنى متطلبات العيش الكريم والعلاج وهذه أهم بندين يحتاج إليهم اللاجئ في بلد مثل البرازيل عبارة عن ساحة مفتوحة للإجرام والقتل والعصابات وتهريب المخدرات والسرقة ، عدا معاناتها من الفقر و البطالة وإذا كان هناك فرصة عمل أجرها لا يلبي أبسط متطلبات العيش الكريم ، ولو كان غير ذلك لم رأينا إعتصامات اللاجئين بدأت بعد 4 أشهر لهم في البرازيل ليومنا هذا ،، وكذلك هذا ليس كلامي فكل دفعة معتصمين لها ما كتب عنها وصور وفيديوهات يتحدثون فيها ونحن مستعدون لإثبات ذلك بالبراهين ..
أنا صاحب مهنتين أحمل في أحدهم شهادة ، تم توفير فرصة عمل لي في القرية التي كنت أقطنها في معمل سجائر لأنه السبيل الوحيد حيث لم يكن يحق لنا الإنتقال منها و بعد معاناة و وساطات كبيرة وافق المعمل ...
هذا المعمل يفتح أبوابه للعمل ستة أشهر في السنة ، ليغلقها بعد لك إلى العام القادم الراتب فيه (400 ) ريال بعد الإستقطاعات ينتهي المطاف بـ(370 ) وما يتطلبه الوضع المعيشي بعيد عن ذلك كل البعد ، فقد كنت أسكن بشقة إيجارها (500 ) ريال تضاف له ( 100 ) لما يسمى خدمة إدارة الشقق لتصبح (600 ) ريال أضف إلى ذلك كأبسط مثال و أنك تريد أن تقتصد كثيراً بمصاريف الماء والكهرباء والغاز ستحتاج شهرياً لـ( 150 ) ريال كحد أدنى لتلك المصاريف أصبح المجموع (750 ) و أنا لم أتحدث عن العيش كالبشر والناس بل عن أقل متطلبات ، ولم نتحدث بعد عن مصاريف الأكل والشرب والعلاج والكسوة والأطفال والمدارس عدا متطلبات الحياة اليومية ، وكل ذلك في البرازيل بأسعار مرتفعة جداً ..
بكل بساطة كنت أتسلم تحت سقف البرنامج ( 720 ) ريال شهرياً عن أُسرة مكونة من أربعة أفراد بعد التقشف بهذا المبلغ يفي لـ(15 ) يوماً وقيسوا بأنفسكم الحياة على ذلك في البرنامج ...
المرافئ الحكومية البرازيلية سيئة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ، المدارس المستشفيات دوائر الدولة ، والقطاع الصحي بشكل خاص يعاني الإهمال وعدم توفر الدواء يعني مريض مثل لؤي بحاجة لزرع رئة تم إعطاؤه (20 ) عاماً ليصله موعد العملية وقيسوا على ذلك ..
المدارس الحكومية ليست متوفرة في كل مكان ففي المكان الذي كنا نقطن فيه يوجد مدرسة واحدة عرضت البلدية على أي جهة قادرة لتتسلمها،، المستشفيات تتلقى دعمها من الكنائس ، الحكومات المتعاقبة في البرازيل فاسدة وحتى الحكومة المنتخبة لم تكن بأفضل حال فقد أمسكوا في العام المنصرم رئيس بلدية العاصمة بسرقة أموال لا حصر لها ، الشرطة فاسدة وذلك بتقارير صادرة من منظمة العفو الدولية وضالعة بقتل مواطنين بحجة الدفاع عن النفس ، والشوارع غير آمنة فنتيجة تلك الظروف السيئة يلجأ الكثيرين لإتباع أساليب كثيرة للتمكن من الوصول لحياة أفضل ، ونحن لم نأتي لنصبح كذلك ...
ترى المؤسسات اليهودية المشرف علينا أنه لزيادة دخلنا أن تعمل نسائنا في البارات الليلية لمنتصف الليل ويرى البعض أن يعملنا خادمات في البيوت وهذا لزيادة الدخل ، ونحن كذلك لانرتضي أن نصل لهذا المستوى المنحط تحت إسم ما يسمى بالبرنامج الإنساني وأين الإنسانية وهم يصلون بنا بالحضيض بدلاً من إيجاد سُبل تحفظ كرامتنا ..
ونحن تحت سقف ما يسمى بالبرنامج لم يتم علاج مرضانا ، كل ما كانوا يحاولون فعله إثبات أنهم لا يعانون شيئاً مهما كان ألمهم ، فقد أُخذ مريض مثل لؤي وحالته واضحة بالعين المجردة على طبيب باطنية لفبركة تقرير له يثبت أنه لا يعاني شيء وليس بحاجة لأُوكسيجين ، وحتى أن أحد مرتزقات المفوضية من المترجمين تقول له بكل وقاحة جد لك عملاً!!
حتى الذي يعيش بنصف رئة في البرازيل أصبح مطالب بتدبر نفسه ، ومن يعاني من صمامات القلب كُشف عليه عند طبيب أطفال ، فكما قال أحد البرازيليين في البرازيل كل شيء يحدث ..
خلال عامين و تحت سقف البرانامج لم يمضي يوم لم نطالب به بالعلاج وتحسين الوضع المعيشي ولم نكن نطالب حينها يا أصحاب الفخامات بالخروج من البرازيل ، لم نكن نجد آذاناً صاغية وكنا نسمع دائماً من مرتزقة المفوضية و المؤسسة المجرمة ( أعلى ما في خيلكم إركبوه ) و ( يدكم وما تعطي ) وكأننا جئنا للتسول لا لنعيش حياة كريمة نعالج مرضانا ونضمن مستقبل أطفالنا ، المريض الذي يعيش على الأوكسيجين و هو تحت سقف البرنامج رقد ثلاثة أشهر في المستشفى تلقى وعوداً من الأطباء بأنه لن يخرج من المستشفى إلا مشياً على قدميه كسائر البشر وتم تحديد نوع العملية حيث قامت المفوضية وعلى الفور بإخراجه من المستشفى وإعادته للقرية منذ الخامسة فجراً والطائرة تقلع بالعاشرة وأعادوه إلى القرية دون تقرير أو علاج أو أي شيء يُذكر يا أصحاب السيادة ، وأصبحنا ونحن تحت سقف البرنامج كالكرة ، نتصل بالمؤسسة تقول المفوضية نتصل بالمفوضية تقول المؤسسة وضعنا بين هذا وذاك ...
عملت بـ(120 ) ريال بالأسبوع (حمال) في مخزن تحت الأرض وعندما مرض إبني لم أجد من هذا المبلغ ما أُسعف إبني فيه فلم يكن يفي لأربعة أيام من الإسبوع ، لكن كل هذا لا يشعر به من يدعي ذلك بل من يعيشه ويعانيه ، فمن يده بالماء ليست كمن يده في النار ، هذا هو البرنامج الإنساني المثالي للحكومة البرازيلية والمفوضية والذي رفضناه فبقينا على الهامش ، ونكون قد إندمجنا عندما يبيع أطفالنا الأقراص بدلاً من مقاعد الدراسة ، وعندما يصبحوا متسولين ، أو يكونون لصوص المستقبل ، أتسأل لو حدث ذلك دون أن يعلم أحد ، ستقولون أننا إستطعنا الإندماج من خلال برنامج الحكومة البرازيلية المشكورة بالتعاون مع المفوضية ، المهم أن أحداً لم يعلم لكن عندما يصبح الموضوع مكشوفاً فوق ما نعانيه يلقى باللائمة علينا ببلد مثل البرازيل ، سأكتفي بهذا القدر عن وضع البلد والبرنامج لنتطرق للجزء الثاني والذي أثار استغراب و استهجان كل الأخوة اللاجئين الذين حظروا اللقاء مع ( المسؤولين ) ، وكان بعضهم متأكد من هذه النتيجة ، فإن ما حدث أننا لم نتطرق معهم لموضوع أُوروبا لا من قريب ولا من بعيد ولم نلمح لذلك أصلاً ، بالتأكيد فلسنا كمن عملتم على إخراجهم إلى أُوروبا، و أرجو أن يتذكر أصحاب الفخامة أننا طلبنا العودة إلى فلسطين فقالوا هذا مستحيل ، فقلنا إذاً نعود إلى العراق لأننا لم نعد قادرين على الإستمرار بما نعانيه بهذه البلد قالوا صعب ، قلنا إن لم تقبل البلد أعيدونا إلى المخيم في الصحراء إلى مخيم الوليد فقد أخرجونا منه ونريد العودة له قالوا لا يمكن ، قلنا إذاً ما هو الحل ، كان حديث الأخوة المسؤولين بدون زيادة أو نقصان أمام كل الحظور والله على ما أقول شهيد ( بعد مقدمة جميلة جداً مفعمة بالمشاعر الأخوية ومشاعر الألم والإحساس بما نعانيه والتألم على ما نعانيه قالوا أن عندهم حل على مرحلتين الحل الأول في الوقت الحالي والثاني بعده بفترة لم تحدد ، وفي المرحلة المبدئية يتم الإهتمام بالوضع الذي نعيشه من حيث المسكن والرعاية الصحية الى حين الإنتهاء من الحل الأبعد وهو كما وعد وزير الخارجية حرفياً أنه حال وصوله إلى رام الله سيرفع تلفونه ويتصل بجميع السفارات وحدد هو دولاً لذلك وسيقوم بالإستفسار منهم عن كيفية الوصول لتلك الدول وقال سوف نأتي عليكم و (نوشوشكم) على الموضوع وتحل هذه المشكلة و أكد أنه غداً ستسمعون منا رداً ، ماذا نقول أمام ذلك كله ، قلنا أننا سنكون شاكرين مساعدتكم ، وكالعادة وعود في الهواء مر (18) يوماً وجدنا الرد على مواقع الإنترنيت بأوصاف عديدة تم إنتقائها بعناية ، فالبرازيل محطة لأوربا ، مع أنها بعيدة كل البعد لتكون محطة لأوروبا ، ولأن أوروبا حسب الوصف توزع المال في الطرقات أو كأننا في حمام ينزل من ( دُشه ) بدلاً من الماء مال ، ونسي أصحاب السيادة أنهم شاهدوا عائلة فيها أربعة مرضى وغالبيتهم حالات خطرة تعتصم بعد عامين من المطالبات بالعلاج دون الإلتفات لهم من أحد ..
و إذا كان الغرض من هذا كله حسب عنوان المقال سفاراتنا نظيفة بـلا فســاد ولنستخدم نحن كأحد الفقرات فيه لتشويه معاناتنا وتهوين الواقع المرير الذي نعيشه لأغراض دعائية نرفض أن يكون ذلك على حساب معاناتنا ، فالسفارة كذبت علينا كما كذب علينا الكثيرون وميزت بالتعامل مع اللاجئين وأبوابها مفتوحة لأُناس بينما هي مغلقة بوجه آخرين ، و آخرها عندما قامت عائلة المريض لؤي بالإتصال بالسفارة لطلب أن تقوم السفارة بالإتصال مع المفوضية الهاربة ليحصل المريض لؤي على دواء مزمن ترفض الصيدليات صرفه له منذ الصباح حتى ساعات العصر والسفارة تغلق الهاتف ولا ترد حتى أجابت السكرتيرة البرازيلية عصراً قالت حرفياً لا يوجد أحد ولا تتصلوا بعد ذلك لأن هذا الإتصال يكلف السفارة ...
سيدي الفاضل هذا لا يجوز أن تكون مأساتنا ومعاناتنا محط مزاودات لأي أحد ولأي غرض لأن معاناتنا لا تتحمل المزاودات والتلاعب بها أكثر ولأي غرض وهذا آخر ما كنا نتوقعه أن تصبح الحرب مفتوحة بهذا الشكل على مرضى ومسنين وأطفال لأسباب نحن نجهلها وإذا كان للدفاع عن جهة معينة أن لاتكون معاناتنا جزء من الموضوع ، وإذا كنتم لا تريدون مساعدتنا كما وعدتم قلا تقوموا بتشويه الواقع والمزاودة على المعاناة وإذاكان هناك شيء شخصي مع أحد على أن لا يكون على حساب حالات مرضية إنسانية ، فأنتم من تملكون السلطة وليس نحن وأنتم أصحاب القرار وليس نحن ،وإذا كان ذلك أعاننا الله على حرب مع الغريب والقريب .....
بقلم-عصام عرابي-البرازيل
فيما يتعلق بموضوع لاجئي البرازيل ؟
اشار المالكي انه التقى شخصيا مع اللاجئين الذين انتقلوا من الحدود السورية العراقية الى البرازيل، وان الخطة التي كانت موجودة للتعامل معهم من قبل حكومة البرازيل هي اعطائهم عامين يقدم لهم خلال العامين السكن والراتب، لكي يتعلموا اللغة البرتغالية ويتعلموا مهنة هناك، البعض من هؤلاء استفاد من هذه التجربة والبعض الاخر رفض تعلم اللغة البرازيلة وامتهان مهنة هناك، وبقي على هامش ذلك لانه اعتقد ان البرازيل محطة للانتقال الى اروبا لانهم يعتقدون ان ما تقدمه اروبا من مساعدات مالية افضل بكثير من البرازيل، احتجاجهم على هذا المستوى ليس اكثر بالرغم من ذلك نحن تابعنا ذلك وعندما كان الرئيس محمود عباس بزيارة البرازيل التقيت انا بأيعاز من الرئيس، معهم وحاولنا تقديم المساعدة حيث تم الاتفاق مع كوبا لنقلهم هناك ليتم معالجتهم بالتالي قضايهم تكون حلت".
فعندما قرأت العنوان أعلاه أول ما تبادر إلى ذهني أنني سأقرأ حلاً لمشكلتنا بعد الوعود التي تلقيناها من السادة المسؤولين الذين إلتقيناهم في مقر السفارة في برازيليا ، لكني لم أكن أتصور أنه سيتم إظهارنا بمظهر العصابة المبتزة الإنتهازية الإتكالية التي ضلمت المفوضية المسكينة والحكومة البرازيلية السخية بعطاياها فقد ظلمهم لؤي الذي يعيش بنصف رئة والمسنة التي تعاني العديد من الأمراض والمريض الذي يعاني من صمامات القلب والطفل ذو العامين الذي يتجه نحو التعوق تصوروا نهايةًً أن هؤلاء ظلموا الحكومة البرازيلية الكريمة والمفوضية المسكينة بينما هؤلاء كما وصفهم فخامة المذكور أعلاه لم يجدوا من ينظر لهم وبنظر فخامته أعتقد يستحقون الموت ...
يبدو أننا هنا أصبحنا بحاجة ملحة لتفنيد ما ذُكر و للعودة إلى ما سبق وتكلمنا عنه فيما مضى لأنه لم يطرق ضمائر البعض على ما يبدو ، لأن هذه الأسطر تعبر و تشير أنه بالفعل كان هناك برنامجاً إنسانياً حقيقياً يعمل على حفظ كرامة اللاجئ وعلاجه وتأهيله مهنياً لحياة جديدة ..
سوف نتكلم مع ملاحظة أني سأختصر قدر الإمكان كي لا نصل مئة صفحة من المعاناة ، لن أتكلم اليوم عن تجارب أُخرى خاضها اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل فقد تكلموا عنها بأنفسهم بالفلم الوثائقي الذي نشر مؤخراً في العديد من المواقع تتجاوز مدته الساعة تحدث فيه غالبية اللاجئين ممن إستطاع الأخ العزيز الدكتور نبيل الوصول لهم عن الكثير من معاناتهم بالوضع المعيشي الصعب المهين لكرامة اللاجئ وشاهدنا 3 أطفال منذ عامين ونصف يبيعون الأقراص في الشوارع بدلاً من إلتحاقهم بمقاعد الدراسة بظروف الشوارع البرازيلية الحقيرة وما تحويه من مخاطر من كافة الجوانب وملاحقة الشرطة لهم وعن حالات الوفاة التي تحوم حولها الشبهات كحالة المسنة رشيدة قاسم التي تطغى على وفاتها العديد من الشبهات وأظهر الفلم العديد من الشهادات حول ذلك ..
ومن هنا تتضح مصداقية ما ذُكر عن إندماج اللاجئين ،، وأما عن تجربة شخصية مع البرنامج العظيم للحكومة و المفوضية كان كالآتي :
تم إلقائنا في قرية صغيرة جداً لم نرى فيها سُبل العيش التي يهول لها البعض لتشويه الواقع وذلك قبل أن تتجلى صورة الوضع العام في البرازيل ، تم إلقائنا بأسوأ مساكن ثمانية أشهر عشنا بشقة نرتجف من البرد في بلد حار مثل البرازيل لشدة الرطوبة بهذه الشقة وكانت الجدران تأكلها العفونة وتنضح علينا المياه ، منذ اللحظة الأولى عانينا من البرنامج المذكور الذي يشرف عليه مجموعة من الموظفين اليهود في المفوضية والمؤسسات البرازيلية المشرفة علينا والذين كانوا أداة لإذلالنا ، خضعنا لبرنامج وضيع ومهين وهذا ليس كلامي بشهادة من غالبية اللاجئين ، ولم يكن هذا البرنامج واللاجئين تحت سقفه يلبي أدنى متطلبات العيش الكريم والعلاج وهذه أهم بندين يحتاج إليهم اللاجئ في بلد مثل البرازيل عبارة عن ساحة مفتوحة للإجرام والقتل والعصابات وتهريب المخدرات والسرقة ، عدا معاناتها من الفقر و البطالة وإذا كان هناك فرصة عمل أجرها لا يلبي أبسط متطلبات العيش الكريم ، ولو كان غير ذلك لم رأينا إعتصامات اللاجئين بدأت بعد 4 أشهر لهم في البرازيل ليومنا هذا ،، وكذلك هذا ليس كلامي فكل دفعة معتصمين لها ما كتب عنها وصور وفيديوهات يتحدثون فيها ونحن مستعدون لإثبات ذلك بالبراهين ..
أنا صاحب مهنتين أحمل في أحدهم شهادة ، تم توفير فرصة عمل لي في القرية التي كنت أقطنها في معمل سجائر لأنه السبيل الوحيد حيث لم يكن يحق لنا الإنتقال منها و بعد معاناة و وساطات كبيرة وافق المعمل ...
هذا المعمل يفتح أبوابه للعمل ستة أشهر في السنة ، ليغلقها بعد لك إلى العام القادم الراتب فيه (400 ) ريال بعد الإستقطاعات ينتهي المطاف بـ(370 ) وما يتطلبه الوضع المعيشي بعيد عن ذلك كل البعد ، فقد كنت أسكن بشقة إيجارها (500 ) ريال تضاف له ( 100 ) لما يسمى خدمة إدارة الشقق لتصبح (600 ) ريال أضف إلى ذلك كأبسط مثال و أنك تريد أن تقتصد كثيراً بمصاريف الماء والكهرباء والغاز ستحتاج شهرياً لـ( 150 ) ريال كحد أدنى لتلك المصاريف أصبح المجموع (750 ) و أنا لم أتحدث عن العيش كالبشر والناس بل عن أقل متطلبات ، ولم نتحدث بعد عن مصاريف الأكل والشرب والعلاج والكسوة والأطفال والمدارس عدا متطلبات الحياة اليومية ، وكل ذلك في البرازيل بأسعار مرتفعة جداً ..
بكل بساطة كنت أتسلم تحت سقف البرنامج ( 720 ) ريال شهرياً عن أُسرة مكونة من أربعة أفراد بعد التقشف بهذا المبلغ يفي لـ(15 ) يوماً وقيسوا بأنفسكم الحياة على ذلك في البرنامج ...
المرافئ الحكومية البرازيلية سيئة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ، المدارس المستشفيات دوائر الدولة ، والقطاع الصحي بشكل خاص يعاني الإهمال وعدم توفر الدواء يعني مريض مثل لؤي بحاجة لزرع رئة تم إعطاؤه (20 ) عاماً ليصله موعد العملية وقيسوا على ذلك ..
المدارس الحكومية ليست متوفرة في كل مكان ففي المكان الذي كنا نقطن فيه يوجد مدرسة واحدة عرضت البلدية على أي جهة قادرة لتتسلمها،، المستشفيات تتلقى دعمها من الكنائس ، الحكومات المتعاقبة في البرازيل فاسدة وحتى الحكومة المنتخبة لم تكن بأفضل حال فقد أمسكوا في العام المنصرم رئيس بلدية العاصمة بسرقة أموال لا حصر لها ، الشرطة فاسدة وذلك بتقارير صادرة من منظمة العفو الدولية وضالعة بقتل مواطنين بحجة الدفاع عن النفس ، والشوارع غير آمنة فنتيجة تلك الظروف السيئة يلجأ الكثيرين لإتباع أساليب كثيرة للتمكن من الوصول لحياة أفضل ، ونحن لم نأتي لنصبح كذلك ...
ترى المؤسسات اليهودية المشرف علينا أنه لزيادة دخلنا أن تعمل نسائنا في البارات الليلية لمنتصف الليل ويرى البعض أن يعملنا خادمات في البيوت وهذا لزيادة الدخل ، ونحن كذلك لانرتضي أن نصل لهذا المستوى المنحط تحت إسم ما يسمى بالبرنامج الإنساني وأين الإنسانية وهم يصلون بنا بالحضيض بدلاً من إيجاد سُبل تحفظ كرامتنا ..
ونحن تحت سقف ما يسمى بالبرنامج لم يتم علاج مرضانا ، كل ما كانوا يحاولون فعله إثبات أنهم لا يعانون شيئاً مهما كان ألمهم ، فقد أُخذ مريض مثل لؤي وحالته واضحة بالعين المجردة على طبيب باطنية لفبركة تقرير له يثبت أنه لا يعاني شيء وليس بحاجة لأُوكسيجين ، وحتى أن أحد مرتزقات المفوضية من المترجمين تقول له بكل وقاحة جد لك عملاً!!
حتى الذي يعيش بنصف رئة في البرازيل أصبح مطالب بتدبر نفسه ، ومن يعاني من صمامات القلب كُشف عليه عند طبيب أطفال ، فكما قال أحد البرازيليين في البرازيل كل شيء يحدث ..
خلال عامين و تحت سقف البرانامج لم يمضي يوم لم نطالب به بالعلاج وتحسين الوضع المعيشي ولم نكن نطالب حينها يا أصحاب الفخامات بالخروج من البرازيل ، لم نكن نجد آذاناً صاغية وكنا نسمع دائماً من مرتزقة المفوضية و المؤسسة المجرمة ( أعلى ما في خيلكم إركبوه ) و ( يدكم وما تعطي ) وكأننا جئنا للتسول لا لنعيش حياة كريمة نعالج مرضانا ونضمن مستقبل أطفالنا ، المريض الذي يعيش على الأوكسيجين و هو تحت سقف البرنامج رقد ثلاثة أشهر في المستشفى تلقى وعوداً من الأطباء بأنه لن يخرج من المستشفى إلا مشياً على قدميه كسائر البشر وتم تحديد نوع العملية حيث قامت المفوضية وعلى الفور بإخراجه من المستشفى وإعادته للقرية منذ الخامسة فجراً والطائرة تقلع بالعاشرة وأعادوه إلى القرية دون تقرير أو علاج أو أي شيء يُذكر يا أصحاب السيادة ، وأصبحنا ونحن تحت سقف البرنامج كالكرة ، نتصل بالمؤسسة تقول المفوضية نتصل بالمفوضية تقول المؤسسة وضعنا بين هذا وذاك ...
عملت بـ(120 ) ريال بالأسبوع (حمال) في مخزن تحت الأرض وعندما مرض إبني لم أجد من هذا المبلغ ما أُسعف إبني فيه فلم يكن يفي لأربعة أيام من الإسبوع ، لكن كل هذا لا يشعر به من يدعي ذلك بل من يعيشه ويعانيه ، فمن يده بالماء ليست كمن يده في النار ، هذا هو البرنامج الإنساني المثالي للحكومة البرازيلية والمفوضية والذي رفضناه فبقينا على الهامش ، ونكون قد إندمجنا عندما يبيع أطفالنا الأقراص بدلاً من مقاعد الدراسة ، وعندما يصبحوا متسولين ، أو يكونون لصوص المستقبل ، أتسأل لو حدث ذلك دون أن يعلم أحد ، ستقولون أننا إستطعنا الإندماج من خلال برنامج الحكومة البرازيلية المشكورة بالتعاون مع المفوضية ، المهم أن أحداً لم يعلم لكن عندما يصبح الموضوع مكشوفاً فوق ما نعانيه يلقى باللائمة علينا ببلد مثل البرازيل ، سأكتفي بهذا القدر عن وضع البلد والبرنامج لنتطرق للجزء الثاني والذي أثار استغراب و استهجان كل الأخوة اللاجئين الذين حظروا اللقاء مع ( المسؤولين ) ، وكان بعضهم متأكد من هذه النتيجة ، فإن ما حدث أننا لم نتطرق معهم لموضوع أُوروبا لا من قريب ولا من بعيد ولم نلمح لذلك أصلاً ، بالتأكيد فلسنا كمن عملتم على إخراجهم إلى أُوروبا، و أرجو أن يتذكر أصحاب الفخامة أننا طلبنا العودة إلى فلسطين فقالوا هذا مستحيل ، فقلنا إذاً نعود إلى العراق لأننا لم نعد قادرين على الإستمرار بما نعانيه بهذه البلد قالوا صعب ، قلنا إن لم تقبل البلد أعيدونا إلى المخيم في الصحراء إلى مخيم الوليد فقد أخرجونا منه ونريد العودة له قالوا لا يمكن ، قلنا إذاً ما هو الحل ، كان حديث الأخوة المسؤولين بدون زيادة أو نقصان أمام كل الحظور والله على ما أقول شهيد ( بعد مقدمة جميلة جداً مفعمة بالمشاعر الأخوية ومشاعر الألم والإحساس بما نعانيه والتألم على ما نعانيه قالوا أن عندهم حل على مرحلتين الحل الأول في الوقت الحالي والثاني بعده بفترة لم تحدد ، وفي المرحلة المبدئية يتم الإهتمام بالوضع الذي نعيشه من حيث المسكن والرعاية الصحية الى حين الإنتهاء من الحل الأبعد وهو كما وعد وزير الخارجية حرفياً أنه حال وصوله إلى رام الله سيرفع تلفونه ويتصل بجميع السفارات وحدد هو دولاً لذلك وسيقوم بالإستفسار منهم عن كيفية الوصول لتلك الدول وقال سوف نأتي عليكم و (نوشوشكم) على الموضوع وتحل هذه المشكلة و أكد أنه غداً ستسمعون منا رداً ، ماذا نقول أمام ذلك كله ، قلنا أننا سنكون شاكرين مساعدتكم ، وكالعادة وعود في الهواء مر (18) يوماً وجدنا الرد على مواقع الإنترنيت بأوصاف عديدة تم إنتقائها بعناية ، فالبرازيل محطة لأوربا ، مع أنها بعيدة كل البعد لتكون محطة لأوروبا ، ولأن أوروبا حسب الوصف توزع المال في الطرقات أو كأننا في حمام ينزل من ( دُشه ) بدلاً من الماء مال ، ونسي أصحاب السيادة أنهم شاهدوا عائلة فيها أربعة مرضى وغالبيتهم حالات خطرة تعتصم بعد عامين من المطالبات بالعلاج دون الإلتفات لهم من أحد ..
و إذا كان الغرض من هذا كله حسب عنوان المقال سفاراتنا نظيفة بـلا فســاد ولنستخدم نحن كأحد الفقرات فيه لتشويه معاناتنا وتهوين الواقع المرير الذي نعيشه لأغراض دعائية نرفض أن يكون ذلك على حساب معاناتنا ، فالسفارة كذبت علينا كما كذب علينا الكثيرون وميزت بالتعامل مع اللاجئين وأبوابها مفتوحة لأُناس بينما هي مغلقة بوجه آخرين ، و آخرها عندما قامت عائلة المريض لؤي بالإتصال بالسفارة لطلب أن تقوم السفارة بالإتصال مع المفوضية الهاربة ليحصل المريض لؤي على دواء مزمن ترفض الصيدليات صرفه له منذ الصباح حتى ساعات العصر والسفارة تغلق الهاتف ولا ترد حتى أجابت السكرتيرة البرازيلية عصراً قالت حرفياً لا يوجد أحد ولا تتصلوا بعد ذلك لأن هذا الإتصال يكلف السفارة ...
سيدي الفاضل هذا لا يجوز أن تكون مأساتنا ومعاناتنا محط مزاودات لأي أحد ولأي غرض لأن معاناتنا لا تتحمل المزاودات والتلاعب بها أكثر ولأي غرض وهذا آخر ما كنا نتوقعه أن تصبح الحرب مفتوحة بهذا الشكل على مرضى ومسنين وأطفال لأسباب نحن نجهلها وإذا كان للدفاع عن جهة معينة أن لاتكون معاناتنا جزء من الموضوع ، وإذا كنتم لا تريدون مساعدتنا كما وعدتم قلا تقوموا بتشويه الواقع والمزاودة على المعاناة وإذاكان هناك شيء شخصي مع أحد على أن لا يكون على حساب حالات مرضية إنسانية ، فأنتم من تملكون السلطة وليس نحن وأنتم أصحاب القرار وليس نحن ،وإذا كان ذلك أعاننا الله على حرب مع الغريب والقريب .....
بقلم-عصام عرابي-البرازيل