من طرف امة الله الجمعة فبراير 05, 2010 8:22 am
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً – وشبك بين أصابعه» [رواه البخاري].
قال العلامة السعدي: "هذا حديث عظيم، فيه الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف. ويتضمن الحثّ منه على مراعاة هذا الأصل. وأن يكونوا إخواناً متراحمين متحابين متعاطفين، يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه، ويسعى في ذلك، وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم، وأن يكونوا على هذا الوصف فإن البنيان المجموع من أساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة، وما تتضمنه من سقوف وأبواب ومصالح ومنافع. كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها إلى بعض. كذلك المسلمون يجب أن يكونوا كذلك. فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوِّم ذلك ويقويه، ويزيل موانعه وعوارضه.
فالفروض العينية: يقوم بها كل مكلف، لا يسع مكلفاً قادراً تركها أو الإخلال بها.
وفروض الكفايات: يجعل في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل بهم الكفاية، ويتم بهم المقصود المطلوب. قال تعالى في الجهاد: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ} [سورة التوبة: 122]، وقال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [سورة آل عمران: 104]، وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين إلا بها. وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يناسبها ويناسب الوقت والحال. ولا يتم لهم ذلك إلا بعقد المشاورات والبحث عن المصالح الكلية وبأي وسيلة تدرك، وكيفية الطرق إلى سلوكها، وإعانة كل طائفة للأخرى في رأيها وقولها وفعلها وفي دفع المعارضات والمعوقات عنها، فمنهم طائفة تتعلم. وطائفة تعلم، ومنهم طائفة تخرج إلى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب.
ومنهم طائفة ترابط، وتحافظ على الثغور، ومسالك الأعداء. ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للأسلحة المناسبة لكل زمان بحسبه. ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسب المتنوعة، والسعي في الأسباب الاقتصادية، ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وأمور الحرب والسلم، وما ينبغي عمله مع الأعداء مما يعود إلى مصلحة الإسلام والمسلمين، وترجيح أعلى المصالح على أدناها، ودفع أعلى المضار بالنزول إلى أدناها، والموازنة بين الأمور، معرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها.وبالجملة، يسعون كلهم لتحقيق مصالح دينهم ودنياهم، متساعدين متساندين، يرون الغاية واحدة، وإن تباينت الطرق، والمقصود واحد، وإن تعددت الوسائل إليه.
فما أنفع العمل بهذا الحديث العظيم الذين أرشد فيه هذا النبي الكريم أمته إلى أن يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
ولهذا حث الشارع على لك ما يقوي هذا الأمر، وما يوجب المحبة بين المؤمنين، وما به يتم التعاون على المنافع، ونهى عن التفرق والتعادي، وتشتيت الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا أصلاً عظيماً من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على غيره والسعي إليه بكل ممكن.
فنسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين هذا الأصل ويؤلف بين قلوبهم، ويجعلهم يداً واحدة على من ناوأهم وعاداهم.. إنه كريم". أ هـ
بعد بيان معنى الحديث السابق وما يقتضيه, يتضح لنا بجلاء أن بناء الجدار الفولاذي المصري الذي يزيد من حصار إخواننا في فلسطين بل يخنقهم هو مخالفة صريحة لمقاصد الشريعة الإسلامية السامية, وهو ظلم فادح في حق إخوان تجب علينا نصرتهم.
يقول د. حسن الحيوان في مقال بعنوان (مصر وغزة... حصار من؟، لمصلحة من؟) وبتاريخ30 -12-2009 (المصريون):
"الثابت أن مصر تقوم ببناء جدار عازل بتصميم وتمويل وإشراف تنفيذي أمريكي -جدار أمريكي على أرض مصر- بموافقة مصر وباقتناعها أو بإرغامها النتيجة واحدة.
لم يتم أخذ رأي الشعب ولا أي من المؤسسات ولم تبادر الحكومة بالإعلان عن الموضوع بل انتشر الخبر بالإعلام العالمي ثم بدأت الحكومة التبرير.
- إسرائيل تحاصر غزة من جميل الجهات عدا الجنوبية المصرية وبناء الجدار حسب تصور الفاعل يؤدي إلى تجويع وسحق ليس فقط أتباع حركة حماس بل أكثر من مليون ونصف وليس فقط وصولاً لخروج الفلسطينيين على قيادة حركة حماس بل حرمانهم من حق وفطرة الفرار من الهلاك الجماعي ولذلك:
الهدف الاستراتيجي القضاء على كل من يقاوم المشروع التوسعي الإسرائيلي وبالتالي المشروع الإمبريالي الغربي في منطقتنا, والقضاء على نهج وروح المقاومة الإسلامية في حد ذاتها". أ هـ
والرسالة بالطبع واضحة للعيان ولكن يجب من وقفة, وهي أن الشعب المصري بريء كل البراءة من هذا العداء المتعمد لإخوانه الفلسطينيين؛ فالشعب المصري شعب مسلم محب لكتابه ومحب لرسوله صلى الله عليه وسلم, ويتوق للعمل بشرع الله, ولكنه شعب مغصوب في حقيقة الأمر وهذا ما يحدثنا به الواقع.
لذا يعتذر كل مصري لأخيه في غزة وفي عموم فلسطين.... آسفين.... آسفين،،
بل هذه براءة من هذا الجدار الظالم يعلنها كل مسلم عربي مخلص, وحسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويهدى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.