كثير من الناس يأتي عليه زمن يحصل فيه على الرقم (واحد)، ولكن سرعان مايتحول إلى الأرقام التالية، بل ربما يطويه النسيان ويخرج عن نطاق الأرقام.
ولكن أن يستمر إنسان هو الرقم (واحد)، وفي كل الأحوال والظروف، بل في حياته وحين وفاته فذاك الذي يستحق التأمل والنظر.
تكبر ذلك الرجل إذا كان صحيح البدن، كامل الأعضاء، قوي البنية، سليم الأركان، ويزداد إعجابك إذا كان صاحب هذا الرقم رجلاً مقعداً، بل مصاباً بالشلل الرباعي منذ شبابه، إضافة إلى بعض الأمراض التي تزداد مع تقدم العمر وتوالي المحن، ولكن عقله من أقوى العقول، وهذه هي حال شيخنا شيخ المجاهدين/ أحمد ياسين – رحمه الله – ، فمنذ شبابه وهو يحمل هذا الرقم في المحيط الذي كان يعيش فيه، ومع اتساع ذلك المحيط شيئاً فشيئاً، من محيط محلي، إلى محيط إقليمي، إلى المحيط العالمي، وذلك الرقم ملازم له ملازمة الظل لصاحبه.
رجل واجه المرض، والنفي ثم السجن – وأي سجن وحسبك أنه سجن اليهود – ثم واجه التحديات المتوالية بعد ذلك، مما تخور أمامها عزائم الرجال، وبقي رغم ذلك كله هو الرمز الذي يتربع على ذلك الرقم العجيب، فيا تُرى ما سرّ ذلك؟
إن لذلك أسباباً معتبرة، وعوامل مؤثرة، ولم يكن نتيجة لوراثة مدّعاة، أو تسلطاً تخضع له رقاب الرجال، بل هي أسباب وصفات جبلية ومكتسبة أهلته لذلك ومن قبلها توفيق الله وفضله وكرمه "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" (النحل: من الآية53)، وفي الحديث الصحيح "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك".
أما تلك الصفات، فمن أهمها:
أولاً: الهمة العالية، والعزيمة الشامخة، التي لاتهن عند الأزمات، ولاتشيخ مع مرور الزمن.
ثانياً: تحديد الهدف الأسمى، والغاية العظمى التي يسعى إليها صاحبها، مع وضوح ذلك الهدف وسمو تلك الغاية.
ثالثاً: التربية الجادة الشاملة، التي تجمع بين القول والعمل، والأخذ والعطاء، والقدوة والاقتداء.
رابعاً : قوة الإيمان، ورسوخ القناعة بالأهداف والغايات. قناعة لاتزعزها الأزمات، ولاتؤثر فيها بنيات الطريق.
خامساً: حسن التعامل مع الوسائل، والواقعية والتدرج في تحقيق الأهداف، وسرعة الحركة عند مواجهة الأزمات، مع قدرة فائقة في الالتفاف عليها وإخضاعها لتحقيق الغايات، لتكون قوة دافعة لا عقبة مانعة.
سادساً: التجرد والإخلاص، وإنكار الذات والتخلي عن شهوات الدنيا، وحظوظ النفس، وبهذا يكون القائد رابحاً على أي حال وفي أي وضع كان، في سرائه وضرائه، يسره وعسره، غناه وفقره، ليله ونهاره، وتبعاً لذلك يكون منشرح الصدر، ظاهر التفاؤل، لا يدب اليأس إلى قلبه أو التشاؤم والقنوط، يرى بنور الله، ويسير في هداه.
سابعاً: سلامة المنهج، واستقامة الطريق، وتحرير الأهداف من محدثات الأمور، ونقاء الوسائل من البدع ومسالك التأول والترخص بلا دليل.
ثامناً: القدوة والأسوة، في القول والعمل، في النية والاعتقاد، في المظهر والمخبر، في اليقظة والمنام، في السلوك والممارسة، تواضع بلا ذلة، وعزة بلا تكبر، وكرم دون إسراف، واقتصاد دون تقتير، توسط في الأمور كلها، دون الغالي وفوق الجافي، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
تاسعاً: وقبل ذلك وبعده هو بشر، يخطئ ويتوب، ويذنب ويستغفر، ويجنح ويعود، يعثر فينهض، ويسقط فيقوم، ليس بالمعصوم ولا بالمذموم، تضيع هضاب سيئاته بين جبال حسناته، وتغوص في بحور شمائله ومناقبه عثراتُه.
عاشراً: وأخيراً هو واحد في عصبة، وعصبة في واحد، الشورى منهجه، والعزم والجد ديدنه، لا يتراجع تراجع الضعفاء والمهزومين، ولا يمضي مضاء المعاند بعد أن يستبين، ولا يتردد تردد الجبناء والموسوسين، شعاره "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (آل عمران: من الآية159).
وبعد:
فهنيئاً لأولئك الرجال الذين كان شعارهم "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" (الحديد: من الآية21).
إلى أولئك الذين ضربوا في كل غنيمة بسهم، وظلوا على ذلك حتى لقوا وجه ربهم، فلعلهم فازوا بالوعد الإلهي: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي" (الفجر:27- 30).
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا ثابتين غير مغيرين ولا مبدلين، من الذين أثنيت عليهم واصطفيتهم، فقلت: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب:23).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
ولكن أن يستمر إنسان هو الرقم (واحد)، وفي كل الأحوال والظروف، بل في حياته وحين وفاته فذاك الذي يستحق التأمل والنظر.
تكبر ذلك الرجل إذا كان صحيح البدن، كامل الأعضاء، قوي البنية، سليم الأركان، ويزداد إعجابك إذا كان صاحب هذا الرقم رجلاً مقعداً، بل مصاباً بالشلل الرباعي منذ شبابه، إضافة إلى بعض الأمراض التي تزداد مع تقدم العمر وتوالي المحن، ولكن عقله من أقوى العقول، وهذه هي حال شيخنا شيخ المجاهدين/ أحمد ياسين – رحمه الله – ، فمنذ شبابه وهو يحمل هذا الرقم في المحيط الذي كان يعيش فيه، ومع اتساع ذلك المحيط شيئاً فشيئاً، من محيط محلي، إلى محيط إقليمي، إلى المحيط العالمي، وذلك الرقم ملازم له ملازمة الظل لصاحبه.
رجل واجه المرض، والنفي ثم السجن – وأي سجن وحسبك أنه سجن اليهود – ثم واجه التحديات المتوالية بعد ذلك، مما تخور أمامها عزائم الرجال، وبقي رغم ذلك كله هو الرمز الذي يتربع على ذلك الرقم العجيب، فيا تُرى ما سرّ ذلك؟
إن لذلك أسباباً معتبرة، وعوامل مؤثرة، ولم يكن نتيجة لوراثة مدّعاة، أو تسلطاً تخضع له رقاب الرجال، بل هي أسباب وصفات جبلية ومكتسبة أهلته لذلك ومن قبلها توفيق الله وفضله وكرمه "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" (النحل: من الآية53)، وفي الحديث الصحيح "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك".
أما تلك الصفات، فمن أهمها:
أولاً: الهمة العالية، والعزيمة الشامخة، التي لاتهن عند الأزمات، ولاتشيخ مع مرور الزمن.
ثانياً: تحديد الهدف الأسمى، والغاية العظمى التي يسعى إليها صاحبها، مع وضوح ذلك الهدف وسمو تلك الغاية.
ثالثاً: التربية الجادة الشاملة، التي تجمع بين القول والعمل، والأخذ والعطاء، والقدوة والاقتداء.
رابعاً : قوة الإيمان، ورسوخ القناعة بالأهداف والغايات. قناعة لاتزعزها الأزمات، ولاتؤثر فيها بنيات الطريق.
خامساً: حسن التعامل مع الوسائل، والواقعية والتدرج في تحقيق الأهداف، وسرعة الحركة عند مواجهة الأزمات، مع قدرة فائقة في الالتفاف عليها وإخضاعها لتحقيق الغايات، لتكون قوة دافعة لا عقبة مانعة.
سادساً: التجرد والإخلاص، وإنكار الذات والتخلي عن شهوات الدنيا، وحظوظ النفس، وبهذا يكون القائد رابحاً على أي حال وفي أي وضع كان، في سرائه وضرائه، يسره وعسره، غناه وفقره، ليله ونهاره، وتبعاً لذلك يكون منشرح الصدر، ظاهر التفاؤل، لا يدب اليأس إلى قلبه أو التشاؤم والقنوط، يرى بنور الله، ويسير في هداه.
سابعاً: سلامة المنهج، واستقامة الطريق، وتحرير الأهداف من محدثات الأمور، ونقاء الوسائل من البدع ومسالك التأول والترخص بلا دليل.
ثامناً: القدوة والأسوة، في القول والعمل، في النية والاعتقاد، في المظهر والمخبر، في اليقظة والمنام، في السلوك والممارسة، تواضع بلا ذلة، وعزة بلا تكبر، وكرم دون إسراف، واقتصاد دون تقتير، توسط في الأمور كلها، دون الغالي وفوق الجافي، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
تاسعاً: وقبل ذلك وبعده هو بشر، يخطئ ويتوب، ويذنب ويستغفر، ويجنح ويعود، يعثر فينهض، ويسقط فيقوم، ليس بالمعصوم ولا بالمذموم، تضيع هضاب سيئاته بين جبال حسناته، وتغوص في بحور شمائله ومناقبه عثراتُه.
عاشراً: وأخيراً هو واحد في عصبة، وعصبة في واحد، الشورى منهجه، والعزم والجد ديدنه، لا يتراجع تراجع الضعفاء والمهزومين، ولا يمضي مضاء المعاند بعد أن يستبين، ولا يتردد تردد الجبناء والموسوسين، شعاره "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (آل عمران: من الآية159).
وبعد:
فهنيئاً لأولئك الرجال الذين كان شعارهم "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" (الحديد: من الآية21).
إلى أولئك الذين ضربوا في كل غنيمة بسهم، وظلوا على ذلك حتى لقوا وجه ربهم، فلعلهم فازوا بالوعد الإلهي: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي" (الفجر:27- 30).
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا ثابتين غير مغيرين ولا مبدلين، من الذين أثنيت عليهم واصطفيتهم، فقلت: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب:23).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين