المجتمع الفلسطيني يغرق في بحر من البطالة المتفاقمة يوماً بعد يوم بفعل اعتداءات الاحتلال
غزة ـ خاص
استنزف العدوان الصهيوني الهمجي على أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل والمتواصل منذ اكثر من ثلاث سنوات مقدرات الفلسطينيين من حيث تدمير المنازل والمنشآت والورش الصناعية وإغلاق المعابر بحيث اصبح الشارع الفلسطيني يغرق في بحر من البطالة المتفاقمة التي لا يستطيع الخلاص منها أو الحد من زيادتها.
وتعاني معظم شرائح المجتمع الفلسطيني سواء كانوا العمال أو خريجي الجامعات وغيرها من مشكلة البطالة .. فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية اقتصرت مطالبات العمال العاطلين عن العمل على إيجاد البدائل والحلول المؤقتة لمشكلتهم عبر المساعدات الشحيحة أصلا والعمالة المؤقتة التي لا تسد الرمق نظرا لوضعهم الاقتصادي المتردي جراء الحصار واستمرار العدوان الصهيوني الهمجي على أبناء شعبنا والذي أدى إلى شل حركة الاقتصاد الوطني بشكل كامل لارتباطه عضويا على مدار سنوات الاحتلال بالاقتصاد الصهيوني مما انعكس بشكل خطير على أوضاع المواطنين.
ولازالت شريحة العمال التي يفوق تعدادها في محافظات غزة المائة ألف عامل ما بين (عامل محلي أو داخل الخط الأخضر) تدفع الثمن الأكبر جراء استمرار العدوان الصهيوني على أبناء شعبنا المتواصل منذ اكثر من ثلاث سنوات من قوتها وقوت أطفالها اليومي خاصة في ظل غياب الدعم الرسمي والعربي والدولي لها وشح المساعدات المقدمة لها وقدرتها أصلا.
العامل أحمد حسني الذي يعيل أسرة مكونة من تسعة أفراد لم يتمكن منذ ثلاث سنوات من التوجه لعمله داخل الخط الأخضر جراء الحصار الصهيوني ونتيجة لذلك قام بصرف كافة مدخراته وبيع مصاغ زوجته مما دفعه للاستنجاد بنقابات العمال والجمعيات الخيرية على اختلافها ولكنها لم تقدم له ولأسرته ما يكفي لسد رمقها ويعفيها من معاناة التسول، وطالب حسني السلطة الفلسطينية القيام بدورها في توفير المساعدات والغذاء لكافة أبناء شعبنا ضمن خطة واضحة من أجل إغاثة المنكوبين من العمال العاطلين عن العمل عبر تشكيل صندوق خاص بهم للضمان الاجتماعي"، مشيرا إلى انعدام العمل داخل محافظات غزة لغياب المشاريع الحيوية والاستراتيجية.
كما طالت أزمة البطالة المتفاقمة أصحاب الشهادات الجامعية والمعاهد الوسطى أو المهنية، فعلى مدار الخمس سنوات الماضية لم يتمكن سوى قلة من الخريجين الذين يصل عددهم إلى عشرات الآلاف من إيجاد فرصة عمل دائمة ومناسبة لهم في ظل قلة فرص التوظيف في القطاع الحكومي والقطاع الخاص الأمر الذي ضاعف من يأس ومعاناة الخريجين الذين يبحثون عن دور لهم في الحياة من خلال عمل يستطيعون به تأمين مستقبلهم..
تلك الحالة دفعت الخريجين إلى تنظيم سلسلة من الاعتصامات أمام مقر وزارة المالية الفلسطينية وغيرها من الوزارات للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم فلم يجدوا سوى ما يسمى البطالة المؤقتة التي استطاعوا من خلالها تسكين جراح الخريجين بشكل مؤقت ولكن دون وضع حلول جذرية للمشكلة التي تتفاقم يوما بعد يوم.
وأشار أحمد أبو هولي رئيس جمعية خريجي جامعة الأزهر أن الجمعية دفعت الخريجين للاعتصام عدة مرات أمام مقر وزارة المالية التي لم ترد عليهم سوى بتوفير بعض حالات البطالة المؤقتة كمسكن للأزمة، متسائلا إلى متى سيتم تجاهل قضايا الخريجين وهمومهم ومطالبتهم بوظائف كريمة ودائمة تؤمن لهم مستقبلهم؟، وناشد الرئيس ياسر عرفات التدخل من أجل حل المشكلة والتي ستنعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وقال رئيس ملتقى خريجي محافظة خانيونس شادي شعت "اعتصمنا عدة مرات أمام المالية فلم نجد سوى توفير حالات بطالة مؤقتة ولكن هذا الحل لا يمكن أن نقبل به فقد بات مطلوبا من الحكومة التعبير عن جديتها في إيلاء قضايا المواطنين الاهتمام الأكبر في عملها".
وأضاف أن التقاعد الذاتي سيؤدي إلى فتح نحو 45 ألف وظيفة أمام الخريجين الجدد إذا ما قورنت رواتب أولئك الموظفين الحاصلين على درجات عليا برواتب الخريجين الجدد خاصة وأن عددهم يتجاوز ال- 18 ألف موظف، مؤكدا أن هذا الإجراء الإصلاحي القانوني إذا ما طبق لن يحمل الموازنة العامة أية أعباء إضافية.
وانعكست البطالة بشكل أكثر وضوحا في محافظات غزة عندما تم تسريب معلومات عن وجود دورات في الشرطة حيث تدفق في يوم واحد نحو 10 آلاف شاب للتسجيل في تلك الدورات وتجمعوا في ساحة ملعب اليرموك وعندما لم يجدوا أحدا يقبل طلباتهم قاموا بالاعتصام أمام مقري الإدارة والتنظيم ووزارة المالية وأشعلوا إطارات السيارات تعبيرا عن الأزمة التي تعيشها نسبة كبيرة من أبناء شعبنا تعاني من البطالة وانعدام الأمل لديهم في الحياة.
وتأتي تلك الأحداث لتلقي مجددا الضوء على أزمة البطالة المتفاقمة بين أبناء شعبا بشكل مذهل والتي وصلت في محافظات غزة إلى ما يزيد عن 70% والتي لا تجد آذاناً صاغية لحلها أو الحد من تفاقمها بصورة اكبر مما هي عليه الآن.