سأتحدث عن الخوف من خوض تجربة العمل الجراحي......
كثير مننا احتاج لجراحة بسيطة او كبيرة ......ولكن الخوف من هذه التجربة هو ما يجعلنا نتردد في خوضها....
واذا ما كانت ضرورية او حتمية يبقى المرىء مسير وغير مخير في قرار اجراءها.....
انا من الناس الذين يخشون العمل الجراحي....
ليس من العمل الجراحي بل من التخدير العام الذي يجب ان امر به حتى يقوم الطبيب بالعمل الجراحي....
الآن اتحدث عن كوني مريضة وما أشعر به خلال هذه التجربة....
في المرحلة الأولى: حين يأتي الأمر من صاحب القرار(الدكتور) بتجهيز المريض ليتوجه لقسم العمليات مغادرا الجميع من مرافقين واحباب واصحاب..وأهل...
يشعر المرء بنظرة الوداع تقفز من عينيه لتصب بعيون وقلوب كل من حوله....
ويغادر المريض الغرفة والقلوب والشفاه تدعو للعودة بالسلامة للحياة
وتتسارع دقات القلب لتعلن بدأ الرعب المطلق....
وفي المرحلة الثانية :يبدأ الرعب حينما ندخل للجزء المعزول والخاص فقط بالكادر الطبي من ممرضات واطباء وبطبيعة الحال المريض أيضا
حيث يجردون المريض من كل الملابس واعطاءه ثوب ليلبسه يكون عقيما ومصمما ليناسب اجراء هذه الجراحة....
ما يشعره المرء هو الحرج والخوف ودخول تلك الغرفة المظلمة التي تفيح منها رائحة الديتول...حقيقة هذه الرائحة مبعث للأطمئنان ولكن المريض يشعر بأنها مثيرة للغثيان.....وذاك الفرش المختصر على طاولة ليستلقي عليها المريض والكم الهائل من المعدات التي تملئ المكان واللون الأخضر للثياب التي يرتدونها والقماش المنتشر بالغرفة بطريقة مرتبة ومنظمة....وذاك القنديل الفضائي...اقصد تلك الأضاءة ذات العيون المتعددة والمسلطة فقط على تلك الطاولة.هدف الأطباء مستقر المريض...
لاشيء يشبه تأثير هذا القنديل الفضائي بالخوف والرهبة حيث لاينتبه له المريض الا عند اضاءته ايذانا ببدأ الخطوات الأخيرة....
والمرحلة الثالثة : حيث يستلقي المريض على تلك الطاولة وتبدأ الممرضات كالنحلات النشيطات بتجهيز المريض من فتح وريد الى وصل اسلاك للصاقات تلصق على الصدر...الى ملقط يلقط بأحد الأصابع...ويبدأ عمل طبيب التخدير في اسئلة تحاول رفع الهلع والخوف البادي على المريض....
وعند انتهاء التحضيرات المثيرة لأنتباه المريض تصدر تلك الجملة التي لا تنسى( المريض جاهز خبروا طبيب الجراحة).....وهنا مما يعني انه سيتم زرق المادة المخدرة مع السيروم....
انا من الناس الذين افضل ان ارى الطبيب قبل الجراحة....ربما وجوده يجعلني اشعر شعورالأطمئنان....
لأنني عندما اقرر اجراء عملية يكون لدي الثقة الكاملة والمطلقة بالطبيب وعمله.....
ماأخاف منه هو التخدير....لأن الخطأ بتطبيقه قاتلا....على حد ادراكي....لذلك قمة الخوف عندي هو عند حقن مادة التخدير
هنا شعور غريب اشعر به يتسرب لشراييني ليجعلني بشكل تدريجي افقد السيطرة على النطق فاستسلم لمارد النوم وانا اتشهد وادعو وانههيها بكلمة يارب لاغلق عيناي......وانتهي من خوفي بالأستسلام....
ربما لايختلف التخدير عن النوم عند البعض ولكن بالنسبة لي وللكثيرين يختلف مما جعلني اسمي التخدير (مارد النوم) لانه قوي وقادر ومسيطر.....وقدرته بيد الطبيب المخدر....وقد يأخذ المريض الى السبات الأبدي....
ان العمل الجراحي عمل متكامل بين صاحب القرار(الطبيب الجراح) وطبيب التخدير ولكنه يعتمد على مهارة الطبيب الجراح....
احترم تلك المهنة واقدرها.....مهنة الطب....ولاانكر ان ما نسمعه عن الأخطاء الطبية هي وراء الخوف الذي نشعره به
اجدها مناسبة لتقديم الشكر والأمتنان لكل طبيب متقن وواثق من عمله...ويقدر الأرواح التي تستكين بين يديه هدف الصحة والعافية.....وهو يحافظ على ما وضع بين يديه بأمانة....
انحني تقديرا لتلك المهنة العظيمة ولمن يمارسها بأمانة....
تحيتي ومحبتي لكم