غضب ونفحة حب
أخذ (حسن) كرسيا وتوجه إلي حديقة منزله _ جلس وأخذ يتأمل ما حوله وتنهد تنهيدة حارة كأنه يزفر بها ما تجوش بقلبه من هموم .
سرق بصره عصفور يطير من غصن لغصن في شجرة الليمونة الذابلة ، هذه الشجرة التي كانت قبل اسابيع تضج بالخضرة والحياة ، اما الآن فقد قضي عليها الزمن وصارت رسمة خشبية يابسة لا حياة فيها ولا رونق ، وتقافز العصفور من فنن لفنن وهو حائر من ما آلت إليه ، حتي رف في غصن هزيل وأخذ يشدو شدوا حزين كأنه يشارك الشجرة أحزانها ، ثم طار بعيدا.
انها الحياة كل شئ يتغير الا بديع السماوات والأرض فهو الذي يتحكم .
تأثر حسن من هذا المنظر وهب واقفا يفكر . ثم قرر أمره وصعد سيارته وسار بها حتي توقف أمام أحد المنازل وتوجه الي الباب وتردد قليلا ثم ضغط علي الجرس ، فتح الباب طفل في العاشرة من عمره فسلم عليه حسن ودخل معه الي البيت ، وجلس في صالة الضيوف فجاءه رجلا في العقد السادس من العمر سلم عليه حسن بحرارة واحترام .
بعد برهة من الصمت قال حسن للرجل : عمي اريد أن أري صفاء .
فرد والدها بضيق : أظنها لا تريد ذلك فحالتها النفسية سيـــئة جدا.
بدأ الحزن يكسو ملامح حسن ، فقال والدها لحظة سأراها ، ودخل لإحدى الغرف ، وعاد بعد دقايق وعلامات اليأس بادية علي وجهه
وقال لحسن : كما أخبرتك لقد رفضت رؤيتك فاصبر عدة ايام عسي أن تهدأ وتعودا ان اراد الله لكما ذلك.
هب حسن مندفعا نحو غرفتها ووالدها ينظر اليه بدهشة وعجز لسانه عن النطق .
دخل عليها وجدها جالسة في طرف السرير وبيدها مجلة ، ما أن رأت حسن حتي هبت مبهورة وقالت له بصوت هزيل أشبه بالبكاء : أرجوك دعني وشأني لقد أنتهي ما بيننا ولا أريد منك شيء سوى ان تطلقني قبل أن ألجأ الي المحكمة يكفي ما حدث .
شعر حسن بضيق شديد في صدره وهو غير مصدق لما سمعه . ثم قطع حاجز الصمت قائلا:
ارجوك يا حبي لقد غلطت وأعترف بغلطتي وندمت جدا عليها حبي لك هو من دفعني لأغار وأفعل ذلك ولم أمنح نفسي فرصة للتحقق من الأمر بل أعمتني الغيرة وكان يجب أن تتصلِ بي قبل أن تخرجِ .
قالت صفاء والدموع تجري علي خديها: لقد إتصلت؟! بك ووجدت هاتفك مغلق وتركت رسالة في البريد الصوتي .
قال حسن متحسرا : نعم لقد فرغت بطارية الهاتف ، لكن أعذريني فقد أظلمت الدنيا أمام عيناي عندما عدت الي البيت وأخبرني البواب بأنكِ خرجتي من البيت وصعدتِ في سيارة مع شاب ، غضبت جدا لذلك.
قالت صفاء : إنه أخي والبواب لا يعرفه لأنه جديد ، لقد ساءت صحة والدتي فجأة وأغمي عليها ونقلت الي المشفى فاتصل بي والدي وطلب أن أحضر الي المشفي لأكون بقربها ، ولقد إتصلت لأخبرك فوجدت هاتفك مغلق فاتصلت بأخي ليحضر ويأخذني إلي المشفي لا أريد أن أخرج لوحدي والشمس قد غابت ، وبعد أن اطمأنيت علي والدتي عدت سريعا كي لا تقلق علي .
لكنك ما أن رأيتني حتي اندفعت تضربني بقسوة وهمجية قبل أن تسألني أين كنت .ش
وبدأت صفاء تبكي بشدة فقال حسن بحسرة : معكِ حق لقد تسرعت ،لأن الغيرة والغضب سادا علي عقلي وندمت علي ذلك ولن أكرر ذلك ابدا أعدكِ بذلك انتِ تعرفين مدى حبي لكِ وأن حياتي بلا طعم وانتِ بعيدة عني .
هل يقوى قلبك علي أن نفترق؟؟ ،
لا أظن ذلك لأني أثق بأن كلانا لن يرتاح بدون الآخر ، سامحيني حبيبتي وانسي ما حدث .
قالت صفاء : كيف انسي ذلك وأضمن بأنك لن تكرره .؟!
فقال حسن : حبي وقلبي يضمنا لكِ ذلك , والأيام الحلوة التي عشناها تضمن ذلك ارجوكِ حبيبتي هيا لنعد إلي منزلنا فقد صار كالأطلال بغيابك عنه هيا لتلقي الضوء عليه وعلي قلبي هيا يا حياتي ،
وأقترب منها ومسح دموعها بيده قائلا : لا أريد أن ارى هذه الدموع ثانية هيا حبيبتي ،
فقالت وقد ارتسمت ابتسامة خفيفة علي شفتيها : لحظة أجهز حقيبتي .
قال ستجهزها والدتك وسأعود لأخذها غدا هيا بنا الآن لن اصبر علي بعدكِ لثانية .
ارادت أن تمانع لكنها صارت كطفلة عاجزة عن الحديث وخرجت معه لتجد والدها.
وقال له حسن بسعادة:لقد انتهت المشكلة يا عمي سادت الدهشة الوالد وقال ضاحكا : سبحان الله ربي يحفظكما .
وضحك _
صعدا الي السيارة وانطلق بها حسن بسرعة كأنه يخاف أن تغير صفاء رأيها.
قالت له صفاء : الي أين نذهب هذا ليس طريق البيت ؟
قال : الي هنا انتظريني دقائق وأوقف السيارة ونزل منها وتوجه الي مشتل قريب وعاد وفي يده شتلة صغيرة اعطاها إلي صفاء قائلا : انها شجرة ليمون نحتاجها لحديقتنا واندفع قاصدا منزلهما والسعادة تغمرهمــا .
:***&PI: