يا ليتني مت..!!
كانت المحنة الكبرى لمريم العابدة الزاهدة أن يبشرها الله سبحانه وتعالى بولد وهي غير ذات زوج فقالت:
أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ
وحاولت دفع هذا عن نفسها، ولكن جاءها الأمر الإلهي:
كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا
فكذلك قال الله، فلا راد لكلمته، وكان أمرا مقضيا فمن الذي يستطيع أن يمنع قضاء الله؟!
ولله سبحانه وتعالى شأن في إخراج هذه الآية للناس: امرأة عابدة صالحة تبتلى بحمل من غير زوج يصدقها الصادقون المؤمنون،
ويكذبها الكافرون المجرمون، ويكون ابنها الذي قضاه الله وقدره على هذه الصورة المعجزة آية في خلقه، آية في خلقه، آية في معجزاته، رحمة للناس في زمانه، وبعد زمانه، فتنة لعميان البصائر الذين يغالون فيه فيعبدونه ويجعلونه خالقا رازقا مدبرا موجودا قبل الدهور بل ويجعلونه إله ابن إله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا!!
وتخرج مريم عليها السلام من محرابها في بيت المقدس بعد أن رأت حملها قد كبر في بطنها، وبعد أن خافت الفضيحة، تخرج إلى مكان بعيد تتوارى فيه عن الأنظار، وفي بيت لحم يلجؤها المخاض إلى جذع نخلة – وهي وحيدة غريبة طريدة – فتضع حملها ولا أم هناك، ولا قابلة!! ولا بيت دافئ، ولا ستر تتوارى فيه عن أعين الناس إلا هذه الأحراش!! تضع حملها ودموعها تملأ مآقيها، والهموم والآلام تلفها من كل جانب: هم الغربة والوحشة، وفقد الأهل والناصر، والستر وفقد الإرفاق بالوالدة، وكم تحتاج الوالدة من الإرفاق وكم تحتاج إلى حنان زوج، وشفقة أهل، وطعام مخصوص، وفراش دافئ وتهنئة بالسلامة وبالمولود الجديد...
وأما مريم عليها السلام فلا شيء من ذلك بل هي تنتظر الفضيحة بوليدها الجديد..
وعندما
تجتمع كل هذه الهموم والمصاعب تتمنى أن تكون قد ماتت قبل هذا الامتحان!! ولم تعش إلى هذه المحنة الشديدة قالت:
يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا
أي شيئا متروكا محتقرًا، والنسي في كلام العرب: الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى، فلا يتألم لفقده أحد وفي هذه اللحظة التي يبلغ بها الحزن والأسى مداه يأتيها الأمن والبشرى والإرفاق.. فيناديها مولودها من تحتها:
أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا.
إن مع العسر يسرا
تأتيها المعجزات بالجملة فهذا جدول ماء رقراق يفجره الله لها، وها هي تستطيع وهي والد ضعيفة أن تهز جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب حلوا جنيا،
وأما القوم وخوف الفضيحة فدعي هذا لنا!! وعليك أنت بالصوم عن الكلام، ودعي هذا السيد العظيم الذي تحملينه يتولى الدفاع عنك، ببيان المهمة التي أرسل بها...!
إذن ادع الله أيها اليائس ويا من تتمنى الموت حين تضيق عليك الأرض بما رحبت
ارفع بصرك للسماء وقل يا الله... وانتظر الفرج فإنه قريب!
منقول من كتاب هكذا هزموا اليأس
لسلوى العضيدان
كانت المحنة الكبرى لمريم العابدة الزاهدة أن يبشرها الله سبحانه وتعالى بولد وهي غير ذات زوج فقالت:
أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ
وحاولت دفع هذا عن نفسها، ولكن جاءها الأمر الإلهي:
كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا
فكذلك قال الله، فلا راد لكلمته، وكان أمرا مقضيا فمن الذي يستطيع أن يمنع قضاء الله؟!
ولله سبحانه وتعالى شأن في إخراج هذه الآية للناس: امرأة عابدة صالحة تبتلى بحمل من غير زوج يصدقها الصادقون المؤمنون،
ويكذبها الكافرون المجرمون، ويكون ابنها الذي قضاه الله وقدره على هذه الصورة المعجزة آية في خلقه، آية في خلقه، آية في معجزاته، رحمة للناس في زمانه، وبعد زمانه، فتنة لعميان البصائر الذين يغالون فيه فيعبدونه ويجعلونه خالقا رازقا مدبرا موجودا قبل الدهور بل ويجعلونه إله ابن إله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا!!
وتخرج مريم عليها السلام من محرابها في بيت المقدس بعد أن رأت حملها قد كبر في بطنها، وبعد أن خافت الفضيحة، تخرج إلى مكان بعيد تتوارى فيه عن الأنظار، وفي بيت لحم يلجؤها المخاض إلى جذع نخلة – وهي وحيدة غريبة طريدة – فتضع حملها ولا أم هناك، ولا قابلة!! ولا بيت دافئ، ولا ستر تتوارى فيه عن أعين الناس إلا هذه الأحراش!! تضع حملها ودموعها تملأ مآقيها، والهموم والآلام تلفها من كل جانب: هم الغربة والوحشة، وفقد الأهل والناصر، والستر وفقد الإرفاق بالوالدة، وكم تحتاج الوالدة من الإرفاق وكم تحتاج إلى حنان زوج، وشفقة أهل، وطعام مخصوص، وفراش دافئ وتهنئة بالسلامة وبالمولود الجديد...
وأما مريم عليها السلام فلا شيء من ذلك بل هي تنتظر الفضيحة بوليدها الجديد..
وعندما
تجتمع كل هذه الهموم والمصاعب تتمنى أن تكون قد ماتت قبل هذا الامتحان!! ولم تعش إلى هذه المحنة الشديدة قالت:
يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا
أي شيئا متروكا محتقرًا، والنسي في كلام العرب: الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى، فلا يتألم لفقده أحد وفي هذه اللحظة التي يبلغ بها الحزن والأسى مداه يأتيها الأمن والبشرى والإرفاق.. فيناديها مولودها من تحتها:
أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا.
إن مع العسر يسرا
تأتيها المعجزات بالجملة فهذا جدول ماء رقراق يفجره الله لها، وها هي تستطيع وهي والد ضعيفة أن تهز جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب حلوا جنيا،
وأما القوم وخوف الفضيحة فدعي هذا لنا!! وعليك أنت بالصوم عن الكلام، ودعي هذا السيد العظيم الذي تحملينه يتولى الدفاع عنك، ببيان المهمة التي أرسل بها...!
إذن ادع الله أيها اليائس ويا من تتمنى الموت حين تضيق عليك الأرض بما رحبت
ارفع بصرك للسماء وقل يا الله... وانتظر الفرج فإنه قريب!
منقول من كتاب هكذا هزموا اليأس
لسلوى العضيدان