أنا حينَ أدخلُ نارَ صوتكَ لاأخافُ
من الحريقِ أو الدّخانْ
فصفاؤه يمتدُّ من وجعِ انهمارِكَ في دمي
حتى بدايات الزّمانْ
ويصوغُ ماءُ الغمرِ في أسطورةِ التكوينِ
بعض ملامحي
فيضيعُ من زمني المكانْ
وينامُ وجُهك في مرايا القلبِ طفلاً
وادعَ القسماتِ
موشومَ الأصابع بالكلامْ
مطرُ التولهِ حين يرقصُ بين وجهينا
يعطرُه التّولهُ بالغمام
ويبثّهُ شوقاً إلى ماضٍ تأرّج بالألوهةِ
وهي تزهرُ في المياهْ
من قالَ: إن الصّمتَ يجدي
يومَ تزدحم القصائدُ فوق يابسةِ الشفاهْ؟
أو تبتدي صلواتها
وجداً ألوهياً
حنيناً يافعاً
والنهرُ يرشفُ أغنياتِ القلبِ
ينثرُها على النهرِ.. الكلام
........
نزقٌ جنونُ يديك يومَ سرقتَ من حلمي حدودَ طفولتي
وتركتني بين الوجوه سبيّةً تحتارُكيف تصونُ عزّة قومها
ماكنتُ أبحثُ عن هوىً يُصدي الشفاهَ ويستمر مشاكساً نبضَ الشرايينِ الجموحةِ ألفَ عامْ
أسرفت في حلمي.. زرعتكَ في دمي
مطراً ربيعياً
رسمتُ حديقة وبيادراً
وقطفتُ من شجرِ الأصيلِ ثماره
فتضرّجتْ بدم الغيابْ
وفتحتُ نافذةَ السؤالِ
على مزامير الترابْ
-أنا كيفُ أدخلُ وارفاتِ نخيلكِ العربيِّ
والجرحُ المعتَّقُ فوقَ صدرِ مواسمي
وفمي يفتّشُ عن مفاتيحِ القصائدِ
بينَ أشجارِ الظّلامْ
من أين تسترقُ الحكايةُ وهجَها؟!
ياأيّها المقدود من طينِ البداية، نارها
من عاصفاتِ الريحِ
من ولهِ النّجومِ بغابةٍ من ضوئها
أنا كيفَ أولدُ منك ضلعاً تائهاً
وأثوبُ نحو الصّدركي أجدَ امتدادي فيكَ
ياطفلي الذي وأدوه قبل ولادةِ الأشياء؟
كيفَ تعودُ؟
كيف أعود كي أفديكَ من وجعٍ يطوّف في
دمائكَ .. لم تكنْ تمّوز يومَ خلقت مع
أرجِ السنابلِ
لم أكنْ عشتارَ أرضٍ خبّأت أحلامها
بين اختيالِ القبراتِ على الفراتِ
وبينَ أغنيةٍ يردّدها الرعاةُ على السَّفوحِ
تبركاً...
بل كنتَ عبدَ الله يصلَبُ فوقَ أسوارِ المدائنِ
مغضبا...
عبرَتْ به أسماءُ في يومِ الترجّلِ
فاستفاقَ معاتباً
وسُلخْتُ ياأمّاه مثلَ الشاهِ بعدَ الذّبحِ
تنهشها الصوارمُ والظّبى
فسلي العمومةَ أنتِ يا "أسماءُ"
هلْ من رامَ حقاً
كان في شرع العمومةِ مذنبا؟!
أيُّ القبائل تشتهي أن أرتدي ثاراتها؟
أيُّ المدائنِ ترتوي من ماءِ وجهي
لو أريقْ
كي تطفئ الظمأ الحريقْ؟
أحنو على جرحي
وأودعُ ياسمينَ حدائقي عبقَ المحبةِ
فالشقيقُ يحنُّ ياأمّاهُ
توقاً للشقيق....!!!
إرثي يقسّمُ ماتبقى من دمي
كي أستعيدَ سماءَ أحلامي
رصيفَ قصائدي
كي أزدهي..
إن جئتَ تحمِلُ سوسناتِ الفرحةِ الأولى
ويكتبني ربيعُك مرتين
فأستعيذُ بنارِ صوتكَ من جنونِ الرّيحِ
تذرو كلَّ ماترك الغزاهُ على جبينك
من غبارٍ قادم..
........
ليديكَ أرسمُ طلقة...
]قمراً... رغيفاً
نخلة منذورةً لحنينِ أسرابِ القطا
تبكي.. ويغسلُها الصباحُ بعابقاتِ وروده
وتزغردُ الغدرانُ يومَ يجيئُها النبأ اليقينْ
هذي الرصاصةُ أوغلتْ في الخاصرة
قبضتْ على النبضِ المحلّق في دماكْ
لكنها لم تستطع أن تنزع الوطنَ المشرّشَ
في فضاءِ الذاكرة!
حمّى الشوارع أطفأتْ ورد الفوانيسِ النحيلةِ
ثم نامَتْ في الضجيجْ
وخرائطُ الدمِ والبنفسجِ تبتدي آلامَها
ويلفّها فجرٌ تزمّل بالأريجْ
أرأيْتها يومَ ارتميتَ على ثراها
واغتسلتَ بعشبها البريّ متقداً بنارِ شجونها
إذ أدمنتك العابراتُ من الوجوهِ
وقايضتك همومها؟!
فبحثتَ عن شجرٍ لطير الروحِ
فاجأك الصنوبرُ بالرحيلْ
ولم تشأ..
غيرّ الصّنوبر واحةً لرؤاكْ
وعلى متاريس الحصارِ الجاهليِّ
توزّعَت عيناك مثقلتين بالأحبابِ
قد آثرتَ أن تمضي رهيفَ الخطوِ
فاخترقتْ حصارَ الأهلِ في غضبٍ
خطاك
تصحو... وينتفضُ السّؤالُ على شفاهِ البندقيةِ
حائراً... متوثبا
لولا الأنين ظننتَ نفسك غائبا
وحسبتَ أنّ الكون أطفأ شمعةً
في عيدك السنويّ
أو أن السماءَ غدتْ لأجلِكَ
ساحةً للمهرجانْ
تصحو ويبتدئ الرّهانُ على نصيبكَ
من ضياءِ الشمسِ.. قمحِ الأرضِ
أفراحِ الطفولةِ...
يومَ ساومك العدوُّ مع الصديقِ على دماكْ
تصحو وتعرفُ أنكَ الممهورُ بالغضبِ القديمْ
وعلى شفاهِ البندقيةِ يكتبُ الجرحُ الجوابْ
مع تحيات ...... عاشق الصمت الحزين