الصدق خلق كريم
الصدق خلق يحبه الله ورسوله، الصدق محبَّبٌ للنفوس جميعًا، الصدق من الأخلاق العالية، الصدق صفة حميدة لمن تخلَّق به ومَنَّ الله عليه به؛ فهو خير للعبد في أمور دينه ودنياه، وسببٌ لسعادته في الدنيا الآخرة، وقد أمر الله عباده المؤمن بهذا الخلق الكريم، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
فالزموا الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال، تخلَّقوا بالصدق في كلِّ مجالات الحياة، اصدقوا في معاملتكم مع ربكم، وفي معاملتكم مع أنفسكم، وفي تعاملكم مع الآخرين، الزموا هذا الصدق؛ فإنَّه سببٌ للنجاة في الدنيا والآخرة، يهديكم إلى البر، والبر يهديكم إلى الجنة، ولا يزال العبد يصدق، ويتحرَّى الصدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا.
المسلم مدخله مدخل ومخرجه مخرج صدق: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء: 80].
لسان المسلم لسان صدق وهدى {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84]، {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم: 50].
مقعده مقعد صدق: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 5،54].
قدمه قدم صدق، قال الله -جلَّ وعلا-: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2].
الصدق ليس بالادعاء ولا بالتمني، ولكن الصدق يحتاج إلى حقيقة لتكون بها صادقًا حقًا، فكم من مدعٍ للصدق والصدق مجانبه! وكم من متمنٍ له، ولكنه بعيد عن أسبابه! فما كل من ادعى الصدق صادقًا، ولا كل من تمنى الصدق هو أهله له، فالصدق خلق كريم يمنُّ الله به على من يشاء من عباده، فيخلِّقهم بهذا الخلق الكريم، فيكون الصدق خُلُقًا لهم وميزة يُعرفون بها بين الناس، أنَّهم الصادقون إن قالوا، والصادقون إن عملوا، والصادقون إن وعدوا، والصادقون إن تعاملوا، والصادقون في أحوالهم كلها.
خصال الإسلام كلُّها هي دليل على الصدق: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]، فالصدق حقيقة العمل ونتيجة للعمل الصالح الدال على صدق العبد في أحواله كلِّها.
فكن صادقًا أيُّها العبد مع الله في عبادتك له، فتكون عبادتك خالصة لله، لا تبتغي بعملك رئاء الناس، لا تبتغي بعملك سمعة وشهرة؛ فإنَّ الله لا يقبل من الأعمال إلَّا ما كان خالصا لوجهه الكريم، فمن عمل عملًا صالحًا فيما يُبْتَغى به وجه الله، ولكن أراد بعمله غير الله، ظاهره عمل صالح، وباطنه طلب الثناء من الخلق وإحسان الظن به، وليتبوَّأ بينهم مقعدًا عظيمًا، وليُشَر إليها بالصلاح والتقى والله يعلم من قلبه خلاف ذلك؛ فالله لا يقبل إلَّا عمل الصادقين الذين صدقوا مع الله في تعاملهم، قال جلَّ وعلا: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه)، وفي لفظٍ: (وأنا منه بريء).
اصدق في تعاملك مع الله وفي كلِّ ما تتقرَّب به إلى الله، فلا يكون هدفك الدنيا وزينتها، فتكون من الخاسرين {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 16،15].
فالصادقون في تعاملهم مع ربهم على طريق مستقيم وعلى منهج قويم طال الزمن أم قصُر، والمراءون بأعمالهم والمتمدحون بها لابد أن يخونهم ذلك الرياء، ولا بد أن يستبين كذبهم، فتراهم متذبذبين في الأعمال، إنَّما يعملون لأجل الناس، فإذا خلو وحدهم؛ بارزوا الله بالعظائم {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108].
وإنَّ ما أصاب المسلمين من ضعف وما أصابهم من نقص في أمورهم سببه الكذب والبعد عن الصدق والتخلُّق به، فالصادقون مع الله والصادقون مع أنفسهم والصادقون في تعاملهم مع الآخرين هم أهل الدرجات العلى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
فالصدق الصدق؛ ففيه النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
خطبة مفرغة للشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-
الصدق خلق يحبه الله ورسوله، الصدق محبَّبٌ للنفوس جميعًا، الصدق من الأخلاق العالية، الصدق صفة حميدة لمن تخلَّق به ومَنَّ الله عليه به؛ فهو خير للعبد في أمور دينه ودنياه، وسببٌ لسعادته في الدنيا الآخرة، وقد أمر الله عباده المؤمن بهذا الخلق الكريم، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
فالزموا الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال، تخلَّقوا بالصدق في كلِّ مجالات الحياة، اصدقوا في معاملتكم مع ربكم، وفي معاملتكم مع أنفسكم، وفي تعاملكم مع الآخرين، الزموا هذا الصدق؛ فإنَّه سببٌ للنجاة في الدنيا والآخرة، يهديكم إلى البر، والبر يهديكم إلى الجنة، ولا يزال العبد يصدق، ويتحرَّى الصدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا.
المسلم مدخله مدخل ومخرجه مخرج صدق: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء: 80].
لسان المسلم لسان صدق وهدى {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84]، {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم: 50].
مقعده مقعد صدق: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 5،54].
قدمه قدم صدق، قال الله -جلَّ وعلا-: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2].
الصدق ليس بالادعاء ولا بالتمني، ولكن الصدق يحتاج إلى حقيقة لتكون بها صادقًا حقًا، فكم من مدعٍ للصدق والصدق مجانبه! وكم من متمنٍ له، ولكنه بعيد عن أسبابه! فما كل من ادعى الصدق صادقًا، ولا كل من تمنى الصدق هو أهله له، فالصدق خلق كريم يمنُّ الله به على من يشاء من عباده، فيخلِّقهم بهذا الخلق الكريم، فيكون الصدق خُلُقًا لهم وميزة يُعرفون بها بين الناس، أنَّهم الصادقون إن قالوا، والصادقون إن عملوا، والصادقون إن وعدوا، والصادقون إن تعاملوا، والصادقون في أحوالهم كلها.
خصال الإسلام كلُّها هي دليل على الصدق: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]، فالصدق حقيقة العمل ونتيجة للعمل الصالح الدال على صدق العبد في أحواله كلِّها.
فكن صادقًا أيُّها العبد مع الله في عبادتك له، فتكون عبادتك خالصة لله، لا تبتغي بعملك رئاء الناس، لا تبتغي بعملك سمعة وشهرة؛ فإنَّ الله لا يقبل من الأعمال إلَّا ما كان خالصا لوجهه الكريم، فمن عمل عملًا صالحًا فيما يُبْتَغى به وجه الله، ولكن أراد بعمله غير الله، ظاهره عمل صالح، وباطنه طلب الثناء من الخلق وإحسان الظن به، وليتبوَّأ بينهم مقعدًا عظيمًا، وليُشَر إليها بالصلاح والتقى والله يعلم من قلبه خلاف ذلك؛ فالله لا يقبل إلَّا عمل الصادقين الذين صدقوا مع الله في تعاملهم، قال جلَّ وعلا: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه)، وفي لفظٍ: (وأنا منه بريء).
اصدق في تعاملك مع الله وفي كلِّ ما تتقرَّب به إلى الله، فلا يكون هدفك الدنيا وزينتها، فتكون من الخاسرين {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 16،15].
فالصادقون في تعاملهم مع ربهم على طريق مستقيم وعلى منهج قويم طال الزمن أم قصُر، والمراءون بأعمالهم والمتمدحون بها لابد أن يخونهم ذلك الرياء، ولا بد أن يستبين كذبهم، فتراهم متذبذبين في الأعمال، إنَّما يعملون لأجل الناس، فإذا خلو وحدهم؛ بارزوا الله بالعظائم {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108].
وإنَّ ما أصاب المسلمين من ضعف وما أصابهم من نقص في أمورهم سببه الكذب والبعد عن الصدق والتخلُّق به، فالصادقون مع الله والصادقون مع أنفسهم والصادقون في تعاملهم مع الآخرين هم أهل الدرجات العلى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
فالصدق الصدق؛ ففيه النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
خطبة مفرغة للشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-