الشاعر توفيق زياد
نبذة
-ولد توفيق أمين زيَّاد في مدينة الناصرة في السابع من أيار عام 1929 م .
- تعلم في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة ، وهناك بدأت تتبلور شخصيته السياسية وبرزت لديه موهبة الشعر ، ثم ذهب إلى موسكو ليدرس الأدب السوفييتي .
- شارك طيلة السنوات التي عاشها في حياة الفلسطينيين السياسية في إسرائيل، وناضل من أجل حقوق شعبه.
- شغل منصب رئيس بلدية الناصرة ثلاث فترات انتخابية (1975 – 1994)، وكان عضو كنيست في ست دورات عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي ومن ثم عن القائمة الجديدة للحزب الشيوعي وفيما بعد عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة .
- رحل توفيق زياد نتيجة حادث طرق مروع وقع في الخامس من تموز من عام 1994 وهو في طريقه لاستقبال ياسر عرفات عائداً إلى أريحا بعد اتفاقيات أوسلو.
- ترجم من الأدب الروسي ومن أعمال الشاعر التركي ناظم حكم.
أعماله الشعرية :
1. أشدّ على أياديكم ( مطبعة الاتحاد ، حيفا ، 1966م ) .
2. أدفنوا موتاكم وانهضوا ( دار العودة ، بيروت ، 1969م ) .
3. أغنيات الثورة والغضب ( بيروت ، 1969م ) .
4. أم درمان المنجل والسيف والنغم ( دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
5. شيوعيون ) دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
6. كلمات مقاتلة ( دار الجليل للطباعة والنشر ، عكا ، 1970م ) .
7. عمان في أيلول ( مطبعة الاتحاد ، حيفا ، 1971م ) .
8. تَهليلة الموت والشهادة (دار العودة ، بيروت ، 1972م ) .
9. سجناء الحرية وقصائد أخرى ممنوعة ( مطبعة الحكيم ، الناصرة ، 1973م ).
10. الأعمال الشعرية الكاملة ( دار العودة ، بيروت ، 1971م ) ، يشمل ثلاثة دواوين :
- أشدّ على أياديكم .
- ادفنوا موتاكم وانهضوا .
- أغنيات الثورة والغضب .
11. الأعمال الشعرية الكاملة ( الأسوار، عكا، 1985م ) .
أعماله الأخرى :
1. عن الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة ( دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
2. نصراوي في الساحة الحمراء / يوميات ( مطبعة النهضة ، الناصرة ، 1973م ) .
3. صور من الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة ) المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، 1974م . (
4. حال الدنيا / حكايات فولكلورية ( دار الحرية ، الناصرة ، 1975م ) .
أُحِبّ .. ولكن
أُحِبّ لو استطعت بلحظةٍ
أن أقلب الدنيا لكم : رأساً على عَقِبِ
وأقطع دابر الطغيانِ
أحرق كل مغتصبِ
وأوقد تحت عالمنا القديمِ
جهنماً ، مشبوبة اللّهبِ
وأجعل أفقر الفقراء يأكل في
صحون الماس والذهبِ
ويمشي في سراويل
الحرير الحرّ والقصبِ
وأهدم كوخه .. أبني له
قصراً على السُحُبِ
أحبّ لو استطعت بلحظةٍ
أن أقلب الدنيا لكم رأساً على عقبِ
ولكن للأمور طبيعة
أقوى من الرغبات والغضب
نفاذ الصبرِ يأكلكم فهل
أدى إلى إرَبِ ؟؟
صموداً أيها الناس الذين أحبهم
صبراً على النُوَبِ !!
ضعوا بين العيون الشمس
والفولاذ في العَصبِ
سواعدكم تحقق أجمل الأحلام
تصنع أعجب العَجَبِ
أناديكم .. أشد على أياديكم
أناديكم
أشد على أياديكم..
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول: أفديكم
وأهديكم ضيا عيني
ودفء القلب أعطيكم
فمأساتي التي أحيا
نصيبي من مآسيكم.
أناديكم
أشد على أياديكم..
أنا ما هنت في وطني ولا صغرت أكتافي
وقفت بوجه ظلامي
يتيما، عاريا، حافي
حملت دمي على كفي
وما نكست أعلامي
وصنت العشب فوق قبور أسلافي
أناديكم... أشد على أياديكم!!
السكّر المرّ
أجيبيني !!
أنادي جرحك المملوء ملحاً يا فلسطيني !
أناديه وأصرخُ :
ذوِّبيني فيه .. صبّيني
أنا ابنك ! خلّفتني ها هنا المأساةُ ،
عنقاً تحت سكين .
أعيش على حفيف الشوقِ ..
في غابات زيتوني .
وأكتب للصعاليك القصائد سكّراً مُرّاً ،
وأكتب للمساكين .
وأغمس ريشتي ، في قلب قلبي ،
في شراييني .
وآكل حائط الفولاذ ..
أشرب ريح تشرين .
وأدمي وجه مغتصبي
بشعرٍ كالسكاكين .
وإن كسر الردى ظهري ،
وضعت مكانه صوّانة ،
من صخر حطين .. !!
فلسطينيةٌ شبّابتي ،
عبأتها ،
أنفاسي الخضرا .
وموّالي ،
عمود الخيمة السوداءِ ،
في الصحرا .
وضجة دبكتي ،
شوق التراب لأهله ،
في الضفة الأخرى .
بأسناني
بأسناني ،
سأحمي كلّ شبرٍ من ثرى وطني
بأسناني .
ولن أرضى بديلاً عنه
لو عُلّقت
من شريان شرياني .
أنا باقٍ
أسير محبتي .. لسياج داري ،
للندى .. للزنبق الحاني .
أنا باقٍ
ولن تقوى عليّ
جميع صُلباني
أنا باقٍ
لآخذكم .. وآخذكم .. وآخذكم
بأحضاني
بأسناني
سأحمي كلّ شبرٍ من ثرى وطني
بأسناني
جسر العودة ..
أحبائي !!
برمش العين
أفرش درب عودتكم ،
برمش العين .
وأحضن جرحكم ،
وألُمّ شوك الدّرب ،
بالجفنين .
وبالكفين ، سأبني جسر عودتكم ،
على الشطّين
أطحن صخرة الصّوان ،
بالكفين .
ومن لحمي ..
المصلوب
أحبائي !
أنا بالورد والحلوى
وكل الحبّ أنتظرُ
أنا ، والأرض ، والقمر
وعين الماء ، والزيتون ، والزهر
وبيّاراتنا العطشى ،
وسكّتنا ،
وكرمُ دوالْ
وألف قصيدة خضراءُ
منها يوزرق الحجر
أنا بالورد والحلوى
وكل الحبّ أنتظرُ
وأرقب هبة الريح التي
تأتي من الشرقِ
لعلّ على جناح جناحها
هنا باقون
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
هنا .. غلى صدوركم , باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج , كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
ننظف الصحون في الحانات
ونملأ الكؤوس للسادات
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء
حتى نسل لقمة الصغار
من بين أنيابكم الزرقاء
هنا غلى صدوركم باقون , كالجدار
نجوع .. نعرى .. نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال .. جيلا ثائرا .. وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار , كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا .. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل
هنا .. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
يا جذرنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا أصول
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل :- ... إقرأوا
ما جاء في الكتاب
المُغَنّي
وأعطي نصف عمري ، للذي
يجعل طفلاً باكياً
يضحك
وأعطي نصفه الثاني ، لأحمي
زهرة خضراءَ
أن تهلك
وأمشي ألف عام خلف أغنية
وأقطع ألف وادٍ
شائك المسلك
وأركب كل بحرٍ هائج ،
حتى ألم العطرَ
عند شواطئ الليلك
أنا بشريّة في حجم إنسانٍ
فهل أرتاحُ
والدم الذكي يسفك !!
أغني للحياة
فللحياة وهبت كل قصائدي
وقصائدي ،
هي كلّ ..
ما أملك !
تعالوا
تعالوا أيها الشعراء
نزرع فوق كل فم
بنفسجةً .. وقيثاره
تعالوا أيها العمال
نجعل هذه الدنيا العجوز
تعود نوّاره
تعالوا أيها الأطفال
نحلم بالغد الآتي
وكيف نصيدُ أقماره
تعالوا كلكم .. فالظلم ينهي
بعد دهرٍ طال
مشواره
وأنتم قد ورثتم
كل هذا الكون
روعتُهُ ،
وثروتُهُ ،
وأٍسرارَه !!
نيران المجوس
على مهلي!!
على مهلي!!
أشد الضوء.. خيطا ريقا،
من ظلمة الليل
وأرعى مشتل الأحلام،
عند منابع السيل
وأمسح دمع أحبابي
بمنديل من الفل
وأغرس أنضر الواحات
وسط حرائق الرمل
وأبني للصعاليك الحياة..
من الشذا
والخير،
والعدل
وإن يوما عثرت، على الطريق،
يقيلني أصلي
على مهلي
لأني لست كالكبريت
أضيء لمرة.. وأموت
ولكني ..
كنيران المجوس: أضيء..
من
مهدي
إلى
لحدي!
ومن...
سلفي
إلى ..
نسلي!
طويل كالمدى نفسي
وأتقن حرفة النمل.
على مهلي!
لأن وظيفة التاريخ...
أن يمشي كما نملي!!
طغاة الأرض حضرنا نهايتهم
سنجزيهم بما أبقوا
نطيل حبالهم، لا كي نطيل حياتهم
لكن..
لتكفيهم
لينشنقوا..!!
أشد من المحال
يا أخوتي ! هذا التراب ترابنا
رغم الليالي
أرويته بدمي ودمعي
طول أيامي الخوالي
ورضعت من ثدي الجبال الشمّ،
والقمم العوالي
عزمي وأقدامي،
وصبري للشدائد، واحتمالي
زيتهُ . . من ماء قلبي
زيتهُ . . ذزب اللآلي
ومن الأماني المسكراتِ
عبير زهر البرتقال
يا أخوتي ! الأرض تهتفْ
بالنساء وبالرجال
هيا نلبي . . إننا
شعب أشد من المحال !!
مرج بن عامر
1ـ العُصارة
وعرفتَني لما أتيتكَ
بعد غيبتيَ الطويلة ،
مستفيض الشوق زائر
أبكي بلا دمع
وأسحب خطوتي
في خطو مفجوع وقابر
ونظرت نحوي ..
هذه النظراتُ
في قلبي .. خناجر
علقت أنفاسي عليها
ـ غير مختارٍ ـ
وعلقت الخواطر
وهممت أن تنهض
فشدّك ألف قيدٍ
محكم الحلقات قاهر
وفقدتَ صوتكَ
إذ هممت تصيح بي
وفقدتُ صوتي
وأنا الذي عوّدتُ صوتي
أن يطوف ..
على المنابر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إني شربت ..
عصارة المأساة ،
يا مرج بن عامر !!
2ـ محرّمات
أرضي ..! ترابي ..!
كنـزيَ المنهوبُ ..! تاريخي ..
عظام أبي وجدّي
حرمت عليَّ ، فكيف أغفر ؟؟
لو أقاموا لي المشانقَ ..
لست غافر
هذي قرانا السُّمرُ
أضحت كلُّها دِمَناً
وآثاراً عواثر
آحادُها بقيت ،
وما زالت
تحارب بالأظافر
شدَّت على أعناقها أنيابـهم
تمتصُّ من دمها
كواثر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
حتى المقابر بُعثرت ..
حتى المقابر ..
3ـ قطعن النصراويات
(من أغنية شعبية قديمة)
النصراويّات الجآذرُ
كم قطعن مداكَ
في خطو الأكابر !
زمرٌ على الطرقاتِ
فيهنّ الحبالى والبنات البكرُ
كالزهر المسافر
والمرضعاتُ ..
صغارهن على الظهور ،
على الخواصر
يَنقُلْنَ أكوام الغلالِ ،
من الحقول ..
إلى البيادر
يسهرنَ حول النّار ،
ينشدن الأغاني
دون آخِر
عن حرب تركيّا ،
وأسراب الفرارييّنِ ،
عن ظلم العساكر
وعن الخواتم ، والأساورِ ،
كيف بيعت
لاقتناء سلاح ثائر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إن كان لصُّ الأرضِ وحشاً كاسراً ،
فالعزم فينا ألفُ كاسِر
4ـ الظاهرة والعمق
لا تحكِ لي ! لا تحكِ لي
أنا قادمٌ
من حيث تُغتال الضمائر
وتذوب في الأغلالِ
أيدٍ حُرّةٌ
ويوسوس الفولاذُ
في أقدام صابر
أنا قادمٌ
من حيث كل فمٍ
عليه حارسٌ
والمخبِرون على الستائر
حيث استوى في الحُكمِ
شرطيٌّ
وقديسٌ
وتاجر
حيث الجريمة فرَّخت
في كلّ مأمورٍ
وآمر
حيث العيون السُّودُ
تثقبُ بالرصاصِ
وبالخناجر
حيث الرجال بلا طعامٍ
والنساءُ بلا رجالٍ
والجمالُ بدون شاعر
حيث الحدود خنادق
والبحر زيت كله
والأفق بالفولاذ عامر
وحديقة الأطفال
صارت مصنعاً للكُرهِ
وانغمّت البصائر
حيث الصّدى والظلّ
ينكر أصلهُ
ويسوط خالقه مغامر
أنا قادم
من حيث
تلتهب الضمائر
حيث المآسي تصنع الأبطال
والشكوى
علامة كل خائر
حيث الشوارع زاحفات بالرجالِ
مواكباً
من دون آخر
حيث البحيرات التي
أمواجها أعلام شعبٍ
لن يهاجر
وحناجر الأطفال
والعمال
والشعراء
تملأ
أفقَ عالمنا
بشائر
*
*
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
أأنا الذي نيّبت
تخدعني المظاهر .. ؟!
الضؤ والمأساة
قالا لي: لعنتَ ، إنفذ
إلى عمق الظواهر
لا شيئ يبقى نفسه
والدّهر
دولاب ودائر
ولكل ليل آخرٌ ،
مهما بدا ..
من دون آخر ..
5 ـ شوق العواصِف
يا جذر جذري !! إنني سأعود حتماّ
فانتظرني . انتظرني في شقوق الصخر ،
والأشواك ، في نوارة الزيتون ، في
لون الفراش ، وفي الصدى والظل ،
في طين الشتاء وفي غبار الصيف ،
في خطو الغزال، وفي قوادم كل طائر..
شوق العواصف في خطاي ،
وفي شراييني ..
نداء الأرض .. قاهر
أنا راجع فاحفظنَ لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي
يا أزاهر
إحفظن لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي ،
يا أ .. ز .. ا .. ه .. ر !!
فلتسمع كل الدنيا
فلتسمع كل الدنيا ... فلتسمع
سنجوع .. ونعرى
قطعا .. نتقطع
ونسفّ ترابك
يا أرضا تتوجع
ونموت .. ولكن
لن يسقط من أيدينا
علم الأحرار المشرع
لكن .. لن نركع
للقوة .. للفانتوم ... للمدفع
لن نخضع
لن يخضع منا
حتى طفل يرضع
ارفعوا أيديكم
فارفعوا أيديكم عن شعبنا
لا تطعموا النار حطب
كيف تحيون على ظهر سفينه
وتعادون محيطاً من لهب .. ؟؟
فارفعوا أيديكم عن شعبنا
يا أيها الصم الذين
ملئوا آذانهم قطناً وطين
إننا للمرة الألف نقول :
نحن لا نأكل لحم الآخرين
نحن لا نذبح أطفالاً ولا
نصرع ناساً آمنين
نحن لا ننهب بيتاً
أو جنى حقلٍ
ولا نطفي عيون
نحن لا نسرق آثاراً قديمه
نحن لا نعرف ما طعم الجريمه
نحن لا نحرق أسفاراً
ولا نكسر أقلاماً
ولا نبتز ضعف الآخرين
فارفعوا أيديكم عن شعبنا
يا أيُها الصّم اللذين
ملئوا آذانهم قطناً وطين
إننا للمرة الألف نقول :
لا وحقّ الضوء ..
من هذا التراب الحُرِّ
لن نفقد ذرّه !!
إننا لن ننحني ..
للنار والفولاذ يوماً ..
قيد شعرَه !!
يا شعبي
يا شعبي يا عود الند
يا أغلى من روحي عندي
إنا باقون على العهد
إنا باقون
لن نرضى عذاب الزنزانة
وقيود الظلم وقضبانه
ونقاص الجوع وحرمانه
ألا لنفك وثاق القمر المصلوب
ونعيد إليك الحق الحق المسلوب
ونطول الغد من ليل الأطماع
حتى لا تشرى لا تشرى وتباع
حتى لا يبقى الزورق دون شراع
يا شعبي يا عود الند
يا اغلي من روحي عندي
إنا باقون على العهد
إنا باقون
الكلمات
غير الخبز اليومي
وقلب امرأتي
وحليب الأطفال ــ
أنا لا أملك شياّ
وسوى الشعر
وايقاد النار
وتشخيص الآتي
أنا لا أملك شياّ
وسوى أرض بلادي
وسماء بلادي
وزهور بلادي
أنا لا أعبد شياّ
وسوى الشعب الكادح
والناس البسطاء العاديين
وأيديهم ــ
لست أقدس شياّ
لو عشت شقياً
سأموت سعيداً
لو قدرت كلماتي
أن تفرح بعض الناس
لو أمكن أن يقرأها
في المستقبل
طفلٌ
في كراس
انزلي يا مطرة
إنزلي يا مطره
إنزلي عَ الشجره
يبس الزرّعُ ومات الضّرعُ
والأعين جفّت ،فانزلي يا مطره
واطلعي يا قمره
اطلعي عَ الشجره
من جناحَي قُبّره
زمن مرّ وصاب
وليالينا ثقيلة
كبُرَ الهمّ وأضنانا العذاب
وعطاشى نحن والدّرب طويله
فمُنا جفّ به حتى اللعاب
لكن الحلم الذي في القلبِ
يبقى كالشهاب
والأمانيُّ .. عذابُ .. سكّره
وطريق الفقراء الثائرين
وقلوب الشرفاء البَرَرِه
هي مَنجانا الأخير
فاطلعي يا قمره
وانزلي يا مطره
إنزلي ...
يا ...
مطره ..
أمة فوق الصليب
علّقونا أمةً كاملةً فوق الصليب
علّقونا فوقه -
حتى ..
نتوب
هذه النكسة ليست
آخر الدنيا ..
ولا نحن عبيد
فامسحوا أدمعكم
وادفنوا القتلى
وقوموا من جديد
أيها الناس الحزانى
أنتم الدنيا
وأنتم منبع الخير الوحيد
أنتم التاريخ
والمستقبل الباسمُ
في هذا الوجود
فتعالوا
نشبك الأيدي بالأيدي
ونمشي في اللهيب
فغدُ الأحرار إن طال
وإن طال –
قريب
شهيدة
هذه الطفلة ، في جبهتها
خمسُ رصاصاتٍ
وشمسٌ
وشهادة
عينها قبَّرةٌ حمرا
وخدّاها عباده
سقطت زنبقةً من ذهبٍ
في شارع الحرية الطالعِ
من قلب المدينه
شارع الحريّة الطالعِ
من قلب الزقاقاتِ ،
ومن قلب المتاريس الحصينة
سقطت تهتف للنّصر
كياناً .. وسيادة
فهي في القلب هتافٌ
وعلى العنق قلادة
وهي عنوان كتابِ
وهي ..
تاريخ ..
ولادة
أتحدى
لا دمي تشربه الأرضُ
ولا روحي تهدا
فاقتلوني - أتحدّى
واصلبوني - أتحدّى
وانهبوا كسرة خبزي - أتحدّى
واهدموا بيتي وخلّوه حطاما - أتحدّى
وكلوني واشربوني - أتحدّى
وطني أنت المفدّى
والأماني التي تقطر شَهدا
وطني الحرقة والوجد الذي
يأكل عمري
والهوى والضوء في عيني
والشوق الذي يملأ صدري
هذه الأرض بلادي
وسماها ولعي
حاضري .. مستقبلي .. مهدي ولحدي
ودمي .. لحمي .. فُؤادي .. أضلعي
وهي أمي وأبي وهي
أبنائي وجدّي
وتراثي .. وأغانيّ .. وأعلامي ومجدي
بيتي العالي وعنوان التحدّي
وأنا الناس الحزانى
وأنا الشعب المعذّب
وأنا العاصفة الهوجاء
في وجه المظالم
وأنا النهر الذي يجري ويجري
جارفاً كلّ الطغاة
وأنا بركان عشقٍ للوطن
وأنا الخضرة والشمسُ
وقطرات الندى
فاقتلوني - أتحدى
واصلبوني - أتحدى
لا دمي تشربه الأرضُ
ولا روحي تهدا .
كلمات .. للوطن
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في ورق الدّفلى ،
وعطر الياسمين
حاضراً في التين ، والزيتون ،
في طور سنين
حاضراً في البرق ، والرعد ،
وأقواس قزح
في ارتعاشات الفرح
حاضراً في الشفق الدامي ،
وفي ضوء القمر
في تصاوير الأماسي ،
وفي النسمة .. في عصف الرّياح
في الندى والساقية
والجبال الشمّ والوديان ،والأنهر
في تهليلة أمّ ..
وابتهالات ضحيّة ،
في دمى الأطفال ، والأطفال ..
في صحوة فجرٍ
فوق غاب السنديان
في الصّبا ، والولدنه
وتثنى السوسنه
في لغات الناس والطير ،
وفي كل كتاب
في المواويل التي
تصل الأرض
بأطراف السحاب
في أغاني المخلصين
وشفاه الضارعين
ودموع الفقراء البائسين
في القلوب الخضر ،
والأضلع ،
في كل العيون
مثلما كنت - ستبقى
يا وطن
حاضراً ..
كلّ زمانٍ ..
كلّ حين .
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في كل جرحٍ
وشظيّة
في صدور الثائرين الصامدين
حاضراً في صور القتلى
وعزم الشهداء
في تباشير الصباح
وأناشيد الكفاح
حاضراً في كل ميدانٍ وساح
والغد الطالع ..
من ..
نزف ...
الجراح
نحن أصحابك فأبشر يا وطن
نحن عشاقك فأبشر يا وطن
ننحت الصخر ونبني ونعمّر
ونلوك القيد حتى نتحرر
نجمع الأزهار والحلوى
ونمشي في اللهيب
نبذل الغالي ليبقى
رأسك المرفوع .. مرفوعاً
على مرِّ الزمن
نحن أصحابك ..
عشاقك ..
فابشر ،
يا وطن .. !!
ازرعوني
ازرعوني زنبقاً أحمر في الصدرِ
وفي كل المداخل
واحضنوني مرجة خضراء
تبكي وتصلي وتقاتل
وخذوني زورقاً من خشب الورد
وأوراق الخمائل
إنني صوت المنادي
وأنا حادي القوافل
ودمي الزهرةُ والشمسُ
وأمواج السنابل
وأنا بركان حبٍّ وصَبَا
وهتافاتي مشاعل
أيها الناس لكم روحي ،
لكم أغنيتي
ولكم دوماً أقاتل
فتعالوا وتعالوا
بالأيادي والمعاول
نهدم الظلم ونبني غدنا ..
حرّاً وعادل
أيها الأطفال ..
يا حبقاً أخضر ..
يا جوق عنادل
لكموُ صناّ جذور التين والزيتون
والصخر
لكم صُنّا المنازل
أيّها الناس الحزانى
أيّها الشعب المناضل
هذه الأعلام لن تسقط
ما دُمنا .. نغنّي ونقاتل
أماماً وأعلى !
أماماً .. !!
أماماً .. !!
وأعلى
فأعلى .. !!
بلادي .. نفديك بالروحِ
شبلاً فشِبلا
ونمشي كعاصفة النارِِ
شيخاً وطفلا
ليبقى لواؤك
فوق السِّماك وأعلى
بلادي تبقين في الكون
نجماً معلّى
وتبقين دوحة عزٍ
فروعاً وأصلا
حملناك فوق الأكفِّ -
تباركت حملا
وشلناك مأساة شعبٍ
أبى أن يذلاّ
بلادي عبدنا ربوعك
طوراً وسهلا
نقشناك في دفتر القلب
فصلاً ففصلا
رسمناك
زيتونةً ..
دوالٍ ونخلا
رسمناك عشباً ، سحاباً
بيوتاً وأهلا
ومرج عناقٍ تفتح
ورداً وفلاّ
وتسبيح قُبّرةٍ
رقدت تتفلّى
عبدناك صحوة فجرٍ
وشمساً وظلاّ
وشوكاً وصبراً
وزعترةً تتجلّى
وشاطئ بحرٍ تقدّس
صخراً ورملا
أماماً
أماماً ..
وأعلى
فأعلى ..!!
ويا نجمة الصبح غيبي -
بلادي أحلى
ويا جنة الخلد روحي -
بلادي أغلى
أماماً .. !!
أماماً .. !!
وأعلى
فأعلى .. !!
بلادي .. بلادي ..
لياليك بالنصر حُبلى
وأنت تراث الجدود الذي
ليس يبلى
وأنت التي كل يومٍ
تصيرين أحلى
وأنت التي كل يومٍ
تصيرين أغلى
وشكراا